للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِيمَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ الْمَلَائِكَةَ أَوْ الْأَنْبِيَاءَ أَوْ سَبَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ]

ِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ اسْتَوْعَبَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْكَلَامَ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ لِغَيْرِهِ مَقَالًا، وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا خِلَافَ إنْ سَابَّ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْتِتَابَتِهِ، وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ.

وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ حَازِمٍ: لَا يُقْتَلُ بِالسَّبِّ حَتَّى يُسْتَتَابَ.

مَسْأَلَةٌ: وَأَفْتَى ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِيمَا حُكِيَ عَنْهُ فِي رَجُلٍ لَعَنَ رَجُلًا وَلَعَنَ اللَّهَ، وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْت أَنْ أَلْعَنَ الشَّيْطَانَ فَزَلَّ لِسَانِي، فَقَالَ: يُقْتَلُ بِظَاهِرِ كُفْرِهِ وَلَا يُقْبَلُ عُذْرُهُ، وَهُوَ مَعْذُورٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.

مَسْأَلَةٌ: وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ قُرْطُبَةَ فِي قَتْلِ رَجُلٍ قَالَ عِنْدَ اسْتِثْقَالِهِ مِنْ مَرَضِهِ: لَقِيت مِنْ مَرَضِي هَذَا لَوْ قَتَلْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ أَسْتَوْجِبْ هَذَا كُلَّهُ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ رَأَى بِطَرْحِ الْقَتْلِ عَنْهُ: إنَّهُ يُثْقَلُ عَلَيْهِ فِي الْحَبْسِ وَالشَّدِّ فِي الْأَدَبِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَلَوْ تَكَلَّمَ بِمَا فِيهِ اسْتِخْفَافُ مَنْ لَا يَضْبِطُ كَلَامَهُ كَمَا جَرَى مِنْ ابْنِ أَخِي عَجَبٌ، وَكَانَ مُسْتَخِفًّا فَخَرَجَ يَوْمًا فَأَخَذَهُ الْمَطَرُ فَقَالَ: بَدَأَ الْحَزَّازُ يُرْشِي جُلُودَهُ، فَأَفْتَى أَبُو زَيْدٍ صَاحِبُ الثَّمَانِيَةِ بِأَدَبِهِ وَتَوَقَّفُوا عَنْ قَتْلِهِ وَرَأَوْهُ عَبَثًا.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: دَمُهُ فِي عُنُقِي فَقُتِلَ وَصُلِبَ.

فَرْعٌ: وَأَمَّا مَنْ صَدَرَتْ مِنْهُ الْهَفْوَةُ الشَّاذَّةُ وَلَمْ يَكُنْ نَقْصًا، فَقَالَ الْقَاضِي: يُعَاقَبُ بِقَدْرِ مُقْتَضَاهَا وَشُنْعَةِ مَعْنَاهَا وَصُورَةِ حَالِ قَائِلِهَا.

وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ نَادَى رَجُلًا بِاسْمِهِ فَأَجَابَهُ لَبَّيْكَ فَقَالَ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ سَفَهٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَشَرَحَ قَوْلَهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ، وَالْجَاهِلُ يُزْجَرُ وَيُعْلَمُ، وَالسَّفِيهُ يُؤَدَّبُ وَلَوْ قَالَهَا عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رَبِّهِ كَفَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>