للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: إذَا طَالَبَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا أَنْ يُقِرَّ بِصَدَاقِهَا فَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ قَالَ أَبُو صَالِحٍ: لَا بُدَّ لِلْمَسْئُولِ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ وَيَلْزَمُ بِذَلِكَ. وَأَمَّا إبَاحَةُ النِّكَاحِ فَإِنَّ قَوْلَنَا فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الزَّوْجَانِ غَرِيبَيْنِ وَتَقَارَرَا عَلَى ذَلِكَ قَبِلَ قَوْلَهُمَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِقَوْلِهِمَا أَنَّهُمَا زَوْجَانِ إلَّا عَنْ ثَبَاتِ أَصْلِ النِّكَاحِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا أَوْرَدْتُهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ فِي قَبُولِ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الدَّعْوَى. .

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا امْتَنَعَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَقَالَ أَنَا آتِيهِ بِوَكِيلٍ يُجَاوِبُهُ عَنِّي، فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْإِلْزَامُ بِأَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، وَيُقَالُ لَهُ: الْآنَ مَا تُرِيدُ أَنْ تَأْمُرَ بِهِ وَكِيلَك، قَالَ أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي.

وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ يُمْكِنُ. وَالثَّالِثُ: التَّفْرِقَةُ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى قَرِيبَةَ الْمَعْنَى أُمِرَ بِالْجَوَابِ، ثُمَّ وَكَّلَ فَإِنْ أَبَى حُمِلَ عَلَيْهِ الْأَدَبُ، وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ وَبِهِ الْعَمَلُ.

[فَصْلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِمِلْكٍ فَكَانَ إنْكَارُهُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ لِغَيْرِهِ]

فَصْلٌ: لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِمِلْكٍ فَكَانَ إنْكَارُهُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ لِغَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ: لَيْسَ لِي فِيهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا هُوَ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ عَلَى وَلَدِي، أَوْ هُوَ لِطِفْلٍ سَمَّاهُ، فَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي: أَثْبِتْ أَنَّهُ لَك، فَإِنَّ هَذَا لَا يُنَازِعُك فِيهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَتَقِفَ الْمُخَاصَمَةُ عَلَى حُضُورِ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ، وَلَوْ قَالَ لَيْسَ هُوَ لِي أَوْ هُوَ لِمَنْ لَا أُسَمِّيهِ لَمْ يَمْنَعْ الْمُدَّعِي ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْمُحَاكَمَةِ، وَلَوْ قَالَ هُوَ لِفُلَانٍ، وَفُلَانٌ حَاضِرٌ فِي الْبَلَدِ فَحَضَرَ وَادَّعَى بِهِ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُقَرَّ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَهُ، وَإِنْ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُقِرَّ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ. أَمَّا لَوْ أَضَافَهُ إلَى مِلْكِ غَائِبٍ فَإِنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ إلَى الْغَائِبِ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ وَحَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ الْمُدَّعِي بِغَيْرِ يَمِينٍ، فَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ فَصَدَّقَ الْمُقِرَّ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ صَرْفَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>