[فَصْلٌ فِي حُكْمِ شَهَادَةِ الشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ]
الَّذِينَ عَمَّتْ بِهِمْ الْبَلْوَى فِي الْبَلْوَى فِي الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ اسْتَحْكَمَ فِيهَا الْفَسَادُ فَقَلَّ أَنْ يَجْرِيَ أَمْرُهَا عَلَى السَّدَادِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مُشَرِّفِهَا، كَانَتْ شَاغِرَةً مِنْ أَحْكَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ، وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ، أَنَّهَا كَانَتْ شَاغِرَةً مِنْ أَحْكَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي حَجَّ فِيهَا، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْعَوَاصِمِ وَالْقَوَاصِمِ: أَنَّ الْخَطِيبَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ كَانَ مِنْ الشِّيعَةِ فِي خَبَرٍ يَطُولُ ذِكْرُهُ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ: أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَمْ يَزَالُوا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُنْتَسِبِينَ إلَيْهِ إلَى أَوَائِلِ الْمِائَةِ السَّادِسَةِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَدِمَ إلَيْهِمْ مِنْ رَافِضَةِ الْمَشْرِقِ مِنْ أَهْلِ قَاشَانَ وَغَيْرِهِمْ مَنْ أَفْسَدَ مَذَاهِبَ كَثِيرَةً مِنْهُمْ، لَا سِيَّمَا الْمُنْتَسِبُونَ إلَى الْعِتْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَدِمَ بِكُتُبِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَبَذَلَ لَهُمْ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَكَثُرَتْ الْبِدْعَةُ بِهَا مِنْ حِينَئِذٍ.
فَأَمَّا الْأَعْصَارُ الْمُفَضَّلَةُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ بِدْعَةٌ فِي أُصُولِ الدِّينِ، فَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ قَبْلَ الْمِائَةِ السَّادِسَةِ هُوَ الصَّحِيحُ. بَلْ قَبْلَ الْمِائَةِ الْخَامِسَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ.
وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَشْكُوَال الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْفَخَّارِ مُقِيمًا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَكَانَ مِنْ الْمُشَاوَرِينَ بِهَا فِي الْفَتْوَى وَالْأَحْكَامِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ إمَامًا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ بِدْعَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute