للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَيَذْكُرُ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ الْمَعْنَى الَّذِي وَكَّلَ الْوَكِيلَ لِأَجْلِهِ مِنْ ثُبُوتِ التَّوَرُّكِ عِنْدَهُ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ وَكَتَبَ ابْنُ غَانِمٍ، إلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَسْأَلُهُ عَنْ الْخَصْمَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِي الْأَرْضِ، فَيُقِيمُ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ بِأَنَّهَا لَهُ، فَإِذَا عَلِمَ خَصْمُهُ بِذَلِكَ، هَرَبَ وَتَغَيَّبَ فَطُلِبَ فَلَمْ يُوجَدْ أَيُقْضَى عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ؟ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا أَثْبَتَ عِنْدَك الْحُجَجَ، وَسَأَلْته عَنْ كُلِّ مَا تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْهُ، وَاسْتَقَرَّ عِنْدَك عِلْمُ كُلِّ مَا تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْهُ فَلَمْ تَبْقَ حُجَّةٌ فَاقْضِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ عِلْمِ ذَلِكَ وَيُعْجِزُهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ إذَا قَدِمَ أَنْ يَقُومَ بِحُجَّتِهِ، بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَوْ قَضَى عَلَيْهِ وَهُوَ حَاضِرٌ، إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ إذَا أَتَى بِحُجَّةٍ لَهَا وَجْهٌ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، يُسْمَعُ مِنْهُ، فَأَمَّا إنْ هَرَبَ وَتَغَيَّبَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ حُجَجِهِ، فَالْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُتَلَوَّمَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَتَمَادَى عَلَى تَغَيُّبِهِ وَاخْتِفَائِهِ، قَضَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْطَعَ حُجَجَهُ.

[فَصْلٌ الدَّعْوَى عَلَى الْمَحْبُوسِ فِي حَبْسِ السُّلْطَانِ]

فَصْلٌ: وَمِمَّا يُلْتَحَقُ بِهَذَا الْبَابِ، الدَّعْوَى عَلَى الْمَحْبُوسِ فِي حَبْسِ السُّلْطَانِ، وَإِذَا كَانَتْ لِلنَّاسِ حُقُوقٌ عَلَى مَنْ حَبَسَ السُّلْطَانُ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ وَيَسْمَعُ الدَّعْوَى، وَيُعْذِرُ إلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّوْكِيلِ حَكَمَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُعْذِرَ إلَيْهِ مِنْ الْمُقْنِعِ لِابْنِ بَطَّالٍ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا إجَابَةُ الْحَاكِمِ]

ِ وَمِنْهَا: إنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا دُونَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتِمُّ مَصَالِحُ الْأَحْكَامِ، وَإِنْصَافُ الْمَظْلُومِينَ مِنْ الظَّالِمِينَ إلَّا بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الْمَسَافَةِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ. وَمِنْهَا: أَنْ يَدْعُوَهُ الْخَصْمُ إلَى حَقٍّ مُخْتَلَفٍ فِي ثُبُوتِهِ، وَخَصْمُهُ يَعْتَقِدُ ثُبُوتَهُ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى حَقٍّ، وَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ ثُبُوتِهِ لَمْ تَجِبْ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>