للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ فَإِنْ فَاتَ هَذَا الشَّرْطُ بِخُصُوصِهِ، فَهَلْ يَقُومُ مَقَامَهُ سَمَاعُ شَاهِدَيْنِ يُؤَدِّيَانِ شَهَادَتَهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي ثُمَّ يَمُوتُ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ أَوْ يُعْزَلُ الْقَاضِي؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ سَمِعُوا أَنْ يَشْهَدُوا بِهَا وَهِيَ شَهَادَةٌ تَامَّةٌ، وَمَنَعَ ذَلِكَ أَشْهَبُ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَفِيهِ بُعْدٌ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ قَطْعًا فِيمَا يَجِبُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَمَا لَا يَجِبُ.

فَرْعٌ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا إذَا سَمِعَهُ يُشْهِدُ غَيْرَهُ، فَهَلْ يُشْهِدُ هَذَا السَّامِعَ؟ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ.

فَرْعٌ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي مُنْتَقَى الْأَحْكَامِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَمَنْ سَمِعْته يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ، وَلَمْ يُشْهِدْك فَاشْهَدْ بِمَا سَمِعْت إنْ كُنْت سَمِعْته يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُشْهِدَك، إذْ لَعَلَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّك تَنْقُلُهَا عَنْهُ لَزَادَ أَوْ نَقَصَ، وَإِنَّمَا تَشْهَدُ بِمَا سَمِعْت مِنْ قَذْفٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ، بِخِلَافِ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَلَامٌ مُسْتَقْصًى.

فَرْعٌ وَلَا تَشْهَدْ بِقَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي لِفُلَانٍ كَذَا حَتَّى يُشْهِدَك، قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ.

فَرْعٌ فَلَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ: أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ عِنْدِي وَشَهِدَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَهِيَ شَهَادَةٌ جَائِزَةٌ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ.

مَسْأَلَةٌ اُخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْأَبِ عَلَى شَهَادَةِ ابْنِهِ، وَشَهَادَةِ الِابْنِ عَلَى شَهَادَةِ أَبِيهِ، فَفِي الْوَاضِحَةِ جَوَازُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ، وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ. وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَيْنَ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ، وَشَهَادَتِهِ عَلَى شَهَادَتِهِ وَبَيْنَ شَهَادَتِهِ عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ فَأَجَازَ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، اُنْظُرْ الْبَيَانَ فِي الْأَقْضِيَةِ.

[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَة عَلَى الشَّهَادَةِ]

فَصْلٌ اعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا تُسْمَعُ إلَّا بِمَوْتِ الْأَصْلِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ غِيبَتِهِ بِمَكَانِ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ إنَّمَا أُبِيحَ مَعَ الضَّرُورَةِ وَلَا يُبَاحُ مَعَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ النَّقْلَ عَنْهُمْ مَعَ حُضُورِهِمْ مُشْعِرٌ بِرِيبَةٍ، وَيَقَعُ الشَّكُّ فِي صِدْقِهِمْ، لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونُوا إنَّمَا تَأَخَّرُوا عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>