للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْقِسْمُ الرَّابِعُ فِي حُكْمِ الْجَوَابِ عَنْ الدَّعْوَى]

وَإِذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ بِشُرُوطِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ، وَاسْتَفْرَغَ الْقَاضِي كَلَامَ الْمُدَّعِي وَفَهِمَهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ فِيهِ إشْكَالٌ وَلَا احْتِمَالٌ، أَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ، وَهُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إمَّا إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ أَوْ امْتِنَاعٌ: الْأَوَّلُ الْإِقْرَارُ: فَإِذَا أَقَرَّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لِلطَّالِبِ قَدْ أَقَرَّ لَك فَإِنْ شِئْت قَيِّدْ إقْرَارَهُ بِالشَّهَادَةِ، فَإِذَا قَيَّدَهَا وَرَفَعَ الشُّهُودُ شَهَادَتَهُمْ فِي الْمَجْلِسِ إلَى الْقَاضِي، فَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ دُونَ إعْذَارٍ وَبِهِ الْعَمَلُ.

وَقَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ وَغَيْرُهُ: لَا بُدَّ مِنْ الْإِعْذَارِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْإِعْذَارِ، فَإِذَا حَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِهَا وَطَلَبَ الطَّالِبُ إنْصَافَهُ مِنْ الْغَرِيمِ فَعَلَ إنْ كَانَ لَهُ قُوَّةُ التَّنْفِيذِ فِي إقَامَةِ الْحَقِّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِلَّا أَشْهَدَ لِلطَّالِبِ بِمَا حَكَمَ لَهُ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ. وَصِفَةُ تَقْيِيدِ الْإِقْرَارِ وَالْمَقَالَاتِ: أَقَرَّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِمُنَازَعَةِ فُلَانٍ بِأَنَّ لَهُ قِبَلَهُ مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ كَذَا وَجَبَ لَهُ مِنْ وَجْهِ كَذَا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً، شَهِدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَيَقُولُ فِي صِفَةِ تَقْيِيدِ الْمَقَالِ: قَالَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي لِمُنَازَعَةِ فُلَانٍ حِينَ قَرَّرَهُ عَلَى كَذَا أَنَّهُ قِبَلَهُ مِنْ وَجْهِ كَذَا، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي بِيَدِهِ مَالُهُ وَمِلْكُهُ مَا أَعْرِفُ مَا يَقُولُ إنَّمَا هُوَ مِلْكِي تَصَيَّرَ إلَيَّ بِالْإِرْثِ أَوْ بِالِابْتِيَاعِ، أَوْ بِمَا يَذْكُرُهُ.

قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَاخْتَارَ بَعْضُ شُيُوخِي أَنْ يَكْتُبَ كَاتِبُ الْقَاضِي قَالَ فِي مَجْلِسِ نَظَرِ الْقَاضِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِمَوْضِعِ كَذَا - فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إذْ وَقَفَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ عَلَى كَذَا، وَكَذَا فَأَنْكَرَ مَا ادَّعَاهُ، وَذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا، ثُمَّ يَضَعُ الشُّهُودُ شَهَادَتَهُمْ، وَيُعَلِّمُ الْقَاضِي عَلَى أَسْمَائِهِمْ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ: وَإِنْ شِئْت قُلْت قَرَّرَ فُلَانٌ مُنَازَعَةَ فُلَانٍ عَلَى الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ مِنْ أَيْنَ صَارَ إلَيْهِ، وَبِأَيِّ وَجْهٍ مَلَكَهُ، فَأَجَابَهُ فُلَانٌ بِكَذَا، شَهِدَ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ سَمِعَهُ وَتَحَقَّقَهُ بِالْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ، وَعَرَّفَهُمَا بِحَالِ صِحَّةِ وَجَوَازِ أَمْرٍ، وَلَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ هَذَا الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ وُجُوهِهِ وَكَثْرَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>