للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي الْعُقُوبَةِ فِي السَّرِقَةِ]

ِ وَهِيَ الْقَطْعُ وَذَلِكَ لِلْإِمَامِ، وَمَحَلُّهُ الْيَدُ الْيُمْنَى مِنْ الْكُوعِ وَيُكْوَى مَوْضِعُ الْقَطْعِ، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى، فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ وَحُبِسَ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُقْتَلُ.

مَسْأَلَةٌ: وَيَثْبُتُ حُكْمُ السَّرِقَةِ بِالْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ، أَمَّا الْإِقْرَارُ، فَإِنْ كَانَ طَوْعًا وَتَمَادَى عَلَيْهِ عَمَلٌ بِمُقْتَضَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ هَدَّدَ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُؤْخَذُ بِهِ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: إنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَعْدِلُ فَسَجَنَهُ فَأَقَرَّ فِي السِّجْنِ أُلْزِمَ.

وَقَالَ: لَا يَعْرِفُ هَذَا إلَّا مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا أَخْرَجَ الْمَتَاعَ وَالْقَتِيلَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِقْرَارُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ أَمْنٍ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَيَعْرِفَ ذَلِكَ أَوْ يُقِرَّ وَيُخْبِرَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ وَجْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَعَيَّنَ الشَّيْءَ وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ إذَا أَخْرَجَ الْمَتَاعَ أَوْ الْقَتِيلَ بِانْفِرَادِهِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ إلَّا أَنْ يَنْضَافَ إلَى ذَلِكَ مِنْ إخْبَارِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: اجْتَرَأْت أَوْ فَعَلْت كَذَا وَعَلَى صِفَةِ كَذَا، فَيَذْكُرُ مِنْ بِسَاطِ الْأَمْرِ وَمُنْتَهَاهُ مَا يُعْلِمُ أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ إقْرَارِ الْمُكْرَهِ وَمَا لَا يَكُونُ كَذِبًا وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لَهُ كَانَ لَهُ فِي التَّعْيِينِ مَنْدُوحَةٌ مِنْ التَّبْصِرَةِ لِلَّخْمِيِّ.

وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ عَيَّنَهَا قُطِعَ إلَّا أَنْ يَقُولَ: دَفَعَهَا إلَى فُلَانٍ، وَإِنَّمَا أَقْرَرْت لِمَا أَصَابَنِي مِنْ الْأَلَمِ.

قَالَ مَالِكٌ: فَلَوْ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُقْطَعُ وَإِنْ ثَبَتَ عَلَى إقْرَارِهِ، وَإِنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَإِنْ أَقَرَّ طَوْعًا ثُمَّ رَجَعَ لِشُبْهَةٍ سَقَطَ الْحَدُّ دُونَ الْغُرْمِ، وَإِنْ رَجَعَ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَكَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ.

وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ رُجُوعٌ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ عَرْضٍ وَلَا عَيْنٍ.

وَقَالَ أَيْضًا: لَيْسَ فِي الدَّنَانِيرِ تَعْيِينٌ، اُنْظُرْ فِي ابْنِ يُونُسَ اسْتِيعَابَ وُجُوهِ الْإِقْرَارِ، وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ جَامِعٌ مُفِيدٌ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ، فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً وَجَبَ الْقَطْعُ وَالْغُرْمُ وَلَا تُقْبَلُ مُجْمَلَةً، وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ ذَلِكَ فِي السِّيَاسَةِ فِي الشَّهَادَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>