للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُولَى وَقَعَ فِيهَا الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ وَانْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا الْمَقَالَاتُ وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَحْضُرْ مَعَهَا غُرَمَاؤُهَا بَلْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْقَاضِي فَوَقَفَ عَلَى كِتَابِهَا ثُمَّ صَرَفَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ فِي اسْتِئْنَافُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ حَاكِمٍ ثَانٍ]

مَسْأَلَةٌ: مِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَالَ ابْنُ سَهْلٍ يَجُوزُ اسْتِئْنَافُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ حَاكِمٍ ثَانٍ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ بِقَبُولِهَا ذَكَرَهُ فِي شَهَادَةٍ رُفِعَتْ إلَى الْقَاضِي فِي خُصُومَةٍ فَلَمْ يَشْهَدْ الْقَاضِي بِقَبُولِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ لِعِلَلٍ دَخَلَتْهَا، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْهَا مِنْ أَجَلِ تِلْكَ الْعِلَلِ. فَبَقِيَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ حَتَّى صُرِفَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ، فَبَعَثَ إلَى الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ تِلْكَ الشَّهَادَةَ فَسَأَلَ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ الْفُقَهَاءَ عَنْ هَذَا فَأَجَابُوهُ: الَّذِي نَقُولُ بِهِ عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا وَقَوْلِهِمْ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْك؛ لِأَنَّك لَمْ تَكُنْ قَيَّدْت الشَّهَادَةَ بِقَوْلِ أَشَهِدْت بِهِ عَلَى نَفْسِك فَعَلَى مَنْ صَارَ النَّظَرُ إلَيْهِ ابْتِدَاءُ النَّظَرِ فِي الْخُصُومَةِ، وَلَا يَلْزَمُك أَنْ تَرْفَعَ إلَيْهِ الشَّهَادَةَ الَّتِي قَيَّدْت عِنْدَك.

[مَسْأَلَةٌ رُفِعَتْ قَضِيَّةٌ إلَى الْحَاكِمِ وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا]

مَسْأَلَةٌ: إذَا رُفِعَتْ قَضِيَّةٌ إلَى الْحَاكِمِ وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا ثُمَّ صَرَفَ الْأَمِيرُ الْقَضِيَّةَ عَنْ ذَلِكَ الْحَاكِمِ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ فَنَظَرَ فِيهَا وَلَمْ يَتِمَّ نَظَرُهُ ثُمَّ رُدَّتْ إلَى الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ لِيَنْظُرَ فِيهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ لِيُؤَدِّيَ شَهَادَتَهُ، وَذَلِكَ كَنَظَرٍ مُبْتَدَأٍ، فَإِنْ كَانَ انْصِرَافُ الْقَضِيَّةِ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْأَمِيرِ فَشَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ مُجْزِئَةٌ وَلَا تُعَادُ (مِنْ ابْنِ سَهْلٍ) ، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِيمَا نَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ الْحُكَّامِ مِمَّا لَمْ يَفْصِلْ فِيهِ حُكْمٌ.

[مَسْأَلَةٌ تَوَاضَعَ الْخَصْمَانِ عِنْدَ الْقَاضِي الْحُجَجَ]

مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَصْبَغُ وَإِذَا تَوَاضَعَ الْخَصْمَانِ عِنْدَ الْقَاضِي الْحُجَجَ، فَأَرَادَ الْحُكْمَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِمَا تَبَيَّنَ مِنْ الْحَقِّ فَاسْتَغَاثَ بِالْأَمِيرِ وَهُوَ جَائِزٌ فَأَمَرَهُ بِتَرْكِ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ يُنَفِّذَ لَهُ حُكْمَهُ وَلَا يَنْظُرَ فِي قَوْلِ الْأَمِيرِ إلَّا أَنْ يَعْزِلَهُ رَأْسًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُبْتَدَأِ أَمَدِهِمَا وَقَبْلَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ حَقُّ أَحَدِهِمَا فَنَهَاهُ الْأَمِيرُ عَنْ النَّظَرِ فِي أَمْرِهِمَا فَأَرَى أَنْ يَنْتَهِيَ وَيَدَعَهُمَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُبَيِّنُ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْأَمِيرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْقَضِيَّةَ عَنْ الْحَاكِمِ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ بَعْدَ تَمَامِ نَظَرِ الْأَوَّلِ (مِنْ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>