[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْحَبْسُ]
ُ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ السَّادِسِ وَالثَّلَاثِينَ وَالْمِئَتَيْنِ، أَنَّ الْمَشْرُوعَ مِنْ الْحَبْسِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ.
الْأَوَّلُ: حَبْسُ الْجَانِي لِغِيبَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حِفْظًا لِمَحَلِّ الْقِصَاصِ.
الثَّانِي: حَبْسُ الْآبِقِ سَنَةً حِفْظًا لِلْمَالِيَّةِ رَجَاءَ أَنْ يَعْرِفَ رَبَّهُ.
الثَّالِثُ: حَبْسُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ دَفْعِ الْحَقِّ إلْجَاءً إلَيْهِ.
الرَّابِعُ: حَبْسُ مَنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ اخْتِبَارًا لِحَالِهِ، فَإِذَا ظَهَرَ حَالُهُ حُكِمَ بِمُوجِبِ عُسْرٍ أَوْ يُسْرٍ.
الْخَامِسُ: حَبْسُ الْجَانِي تَعْزِيرًا أَوْ رَدْعًا عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى.
السَّادِسُ: حَبْسُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ الْوَاجِبِ الَّذِي لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَحَبْسِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ أَوْ عَشْرِ نِسْوَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ التَّعْيِينِ.
السَّابِعُ: حَبْسُ مَنْ أَقَرَّ بِمَجْهُولِ عَيْنٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِهِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يُعَيِّنَهُ، فَيَقُولُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهِ هُوَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ أَوْ الشَّيْءُ الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ فِي ذِمَّتِي هُوَ دِينَارٌ.
الثَّامِنُ: حَبْسُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَيُقْتَلُ فِيهِ وَمَا عَدَا هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ لَا يَجُوزُ الْحَبْسُ فِيهِ انْتَهَى، وَيُزَادُ إلَى مَا ذَكَرَهُ قِسْمٌ تَاسِعٌ وَهُوَ حَبْسُ الْمُتَدَاعَى فِيهِ، وَقِسْمٌ عَاشِرٌ وَهُوَ مَنْ يُحْبَسُ اخْتِبَارًا لِمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ السَّرِقَةِ وَالْفَسَادِ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ الْحَبْسُ فِي الْحَقِّ إذَا تَمَكَّنَ الْحَاكِمُ مِنْ اسْتِيفَائِهِ، مِثْلُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ وَنَحْنُ نَعْرِفُ مَالَهُ، فَإِنَّا نَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ وَلَا يَجُوزُ لَنَا حَبْسُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ظَفِرْنَا بِدَارِهِ أَوْ شَيْءٍ يُبَاعُ لَهُ فِي الدَّيْنِ كَانَ رَهْنًا أَمْ لَا، فَلْنَفْعَلْ ذَلِكَ وَلَا نَحْبِسُهُ، فَإِنَّ فِي حَبْسِهِ اسْتِمْرَارَ ظُلْمِهِ وَدَوَامَ الْمُنْكَرِ فِي الطَّلَبِ، وَضَرَرُهُ هُوَ مَعَ إمْكَانِ أَنْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute