للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْعَائِنَ إذَا بَرَّكَ سَقَطَ حُكْمُ فِعْلِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَثَرٌ، وَالْبَارِئُ سُبْحَانَهُ يَرُدُّ قَضَاءَهُ بِقَضَائِهِ.

وَمِنْ حِكْمَتِهِ: أَنْ جَعَلَ وُضُوءَ الْعَائِنِ يُسْقِطُ أَثَرَ عَيْنِهِ وَذَلِكَ بِخَاصَّةٍ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا خَالِقُ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَكَذَلِكَ مَا يَحْدُثُ عِنْدَ قَوْلِ السَّاحِرِ وَفِعْلِهِ فِي جِسْمِ الْمَسْحُورِ أَوْ مَالِهِ، وَضَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ بِمَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَمِنْ فُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَفَضْلِهَا وَحِكْمَتِهَا الْبَالِغَةِ، مَا وَضَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الرُّقَى بِإِذْهَابِ الْأَمْرَاضِ مِنْ الْأَبْدَانِ بِهَا، وَإِبْطَالِ سِحْرِ السَّاحِرِ وَرَدِّ عَيْنِ الْعَائِنِ عِنْدَ الِاسْتِرْقَاءِ بِهَا، وَدَفْعِ كُلِّ ضَرَرٍ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالْبَارِئُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ الشِّفَاءَ عِنْدَ الِاسْتِرْقَاءِ، كَمَا خَلَقَ الشِّفَاءَ مِنْ الدَّاءِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ الدَّوَاءِ وَلَا حَظَّ لِلدَّوَاءِ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ فِي عَقْلِ عَاقِلٍ أَنْ يَكُونَ جَمَادًا فَاعِلًا، وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَصْرِفُ الْأَفْعَالَ الْغَرِيبَةَ دَاخِلَ الْبَدَنِ بِالْأَدْوِيَةِ، كَذَلِكَ يَصْرِفُهَا خَارِجَ الْبَدَنِ بِالرُّقَى وَالتَّعْوِيذِ، وَقَدْ شَاهَدْنَا ذَلِكَ وَالشَّاهِدُ أَقْوَى مِنْ الدَّلِيلِ النَّظَرِيِّ

[الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الزَّوَاجِرِ الشَّرْعِيَّةِ التَّعْزِيرَاتُ وَالْعُقُوبَةُ]

وَالتَّعْزِيرُ تَأْدِيبُ اسْتِصْلَاحٍ وَزَجْرٍ عَلَى ذُنُوبٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا حُدُودٌ وَلَا كَفَّارَاتٌ، وَالْأَصْلُ فِي التَّعْزِيرَاتِ مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» .

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ حَدًّا فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» ، وَهَذَا دَلِيلُ التَّعْزِيرِ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا التَّعْزِيرُ بِالْقَوْلِ فَدَلِيلُهُ مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَقَالَ اضْرِبُوهُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>