للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْقَضَاءِ فِي الشَّهَادَاتِ الْمَجْهُولَةِ وَالنَّاقِصَةِ]

وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ لَا يَعْرِفُونَ عَدَدَهُ، فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ حَلَفَ عَلَيْهِ وَبَرِئَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ يَثْبُتْ بِهَا الْحَقُّ حَتَّى يَحْكُمَ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يُعَيِّنُوا شَيْئًا وَلَا حَدُّوهُ فَشَهَادَتُهُمْ مَجْهُولَةٌ لَا يُحْكَمُ بِهَا، وَلَوْ قَالُوا نَشْهَدُ بِدَنَانِيرَ لَا نَعْرِفُ عَدَدَهَا جُعِلَتْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ حَلَفَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ بَيَّنُوا بِشَهَادَتِهِمْ شَيْئًا مَعْلُومًا وَهِيَ الدَّنَانِيرُ، فَيُؤْخَذُ بِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ جَمْعِ دِينَارٍ، يَعْنِي الْجَمْعَ الْأَظْهَرَ لَا الْجَمْعَ الْمَعْلُومَ بِالدَّلِيلِ وَهُوَ اثْنَانِ وَيَحْلِفُ مَعَ شَهَادَتِهِمْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ احْتِيَاطًا.

فَرْعٌ: قَالَ وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ قَبْلَهُ حَقًّا لَا يُدْرِكُونَ كَمْ هُوَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَيِّنُوا حَقًّا مَعْلُومًا فَيَسْقُطُ حُكْمُ الشَّهَادَةِ وَيَبْقَى حُكْمُ الدَّعْوَى الَّتِي لَا شَهَادَةَ مَعَهَا وَهُوَ الْيَمِينُ، نَقَلَهُ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ.

فَرْعٌ: وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ: وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ فِي النِّكَاحِ، وَلَا يَعْرِفُونَ مَبْلَغَ الصَّدَاقِ أَوْ شَهِدُوا فِي الْبَيْعِ وَلَا يَعْرِفُونَ الثَّمَنَ، فَقَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْإِشْبِيلِيُّ: لَا بُدَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَمِّيَ عَدَدًا، فَإِنْ أَبَى حَلَفَ الطَّالِبُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَلَزِمَهُ النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ مِثْلُهُ، وَأَجَابَ فِيهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَطَّانِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.

وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّجِيبِيِّ: أَرَى أَنَّ الشَّهَادَةَ سَاقِطَةٌ، وَلَسْت أَقُولُ بِقَوْلِ غَيْرِي، وَذَكَرَ أَنَّهَا رِوَايَةٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي الطُّرَرِ: وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا فَأَنْكَرَهُ فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ أَعْكَامًا لَا يَعْرِفُونَ مَا فِيهَا وَيَظُنُّونَ ثِيَابًا، فَيَجِبُ أَنْ يُسْجَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُهَدَّدَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَذَلِكَ عَلَيْهِ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ تَمَادَى عَلَى إنْكَارِهِ حَلَفَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ عَلَى مَا يُشْبِهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ مِثْلَهُ وَيَأْخُذُهُ بِذَلِكَ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يَحْلِفُ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>