للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ لَا يَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى أَحَدٍ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَهُ أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ]

فَصْلٌ، وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى أَحَدٍ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَهُ أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ؟ فَيَقُولُ لَا عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَصْلِ الْإِعْذَارِ.

تَنْبِيهٌ: وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ تَارَةً يَكُونُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَارَةً تَقْوَى حُجَّةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَضْعُفُ حُجَّةُ الْمُدَّعِي فَيَتَوَجَّهُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُدَّعِي بِالْإِبْرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْوُجُوهِ، وَقَدْ ذَكَرْت ذَلِكَ فِي فَصْلِ الْإِعْذَارِ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ ثُمَّ جَحَدَ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سِوَاهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى مَنْ فَوْقَهُ، وَكَانَ شَاهِدًا، وَكَذَلِكَ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - أَوْ رَآهُ مَنْ غَصَبَ أَوْ سَمِعَ مَنْ قَذَفَ فَلْيَرْفَعْهُ إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ وَيَكُونُ هُوَ شَاهِدًا.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَحْكُمُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ فِي مَجْلِسِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا فِي الْآدَابِ وَبَعْضُهُ مَذْكُورٌ فِي بَابِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ.

[فَصْلٌ مِنْ مَسَائِل الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ]

ِ وَفِي (الْمُتَيْطِيَّةِ) وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُصَرِّحَ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ الَّذِينَ ثَبَتَ بِهِمْ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ، فَيَحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَتِهِمْ لِإِرْجَاءِ الْحُجَّةِ لَهُ فِيهِمْ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَسْمَائِهِمْ، وَكَانَ الْحَاكِمُ لَيْسَ مَشْهُورًا بِالْعَدْلِ وَالْفَضْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُبِيحُ لِمَنْ بَعْدَهُ أَنْ يَتَعَقَّبَ ذَلِكَ الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَمْضِي إلَّا مِنْ الْحَاكِمِ الْعَدْلِ، فَإِنْ قَدِمَ هَذَا الْغَائِبُ فَأَرَادَ رَدَّ الْقَضَاءِ عَنْهُ وَأَنْ يَبْتَدِئَ الْخُصُومَةَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهِ إذَا تَعَلَّلَ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ قَالَ: لَوْ عَلِمْت مَنْ شَهِدَ عَلَيَّ لَرَدَدْت شَهَادَتَهُ عَنِّي.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْقَاضِي بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ لَا يَنْفُذُ دُونَ أَنْ يَعْرِفَ الْغَائِبُ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، وَوَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ رِوَايَةٌ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفُذُ، وَلَكِنَّهَا مَطْرُوحَةٌ عِنْدَ الْقُضَاةِ الْمَالِكِيَّةِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَشْهَبُ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا سَجَّلَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ أَنْ يَذْكُرَ فِي الْكِتَابِ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَوْقَعَ الْحُكْمَ فَالْأَحَبُّ إلَيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>