للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي ضَمَانِ الرَّاكِبِ وَالْقَائِدِ وَالسَّائِقِ]

قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدٌ وَالرَّاكِبُ ضَامِنُونَ لِمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ أَوْ هِيَ وَاقِفَةٌ لِغَيْرِ شَيْءٍ فَذَلِكَ هَدَرٌ، فَقَوْلُهُ ضَامِنُونَ أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ فِيهَا تَعَدَّى فِيهِ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَهَذَا لِأَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى ضَبْطِهَا وَإِمْسَاكِهَا، وَإِذَا كَانَ مَعَ الدَّابَّةِ رَاكِبٌ وَقَائِدٌ فَمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ، فَعَلَى الْقَائِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِعْلُهَا مِنْ سَبَبِ الرَّاكِبِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ سَائِقٌ وَقَائِدٌ وَرَاكِبٌ فَوَطِئَتْ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا رَجُلًا فَقَتَلَتْهُ، فَعَلَى الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَعَلَهَا بِسَبَبِ الرَّاكِبِ فَذَلِكَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ الدِّيَةِ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ لَعَلَّ الرَّاكِبَ شَارَكَهُمَا فِي ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَيْسَ هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ بَلْ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَدَّهُ إلَى الْمَشْهُورِ.

قَالَ الْجُزُولِيُّ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: قَوْلُهُ فِي الرِّسَالَةِ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ، يَعْنِي وَمَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُمْ أَوْ عَنْ غَلَبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ تَفْرِيطٍ وَلَا إهْمَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَتِهَا.

فَرْعٌ: وَلَا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ مَا رَمَحَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا، وَيَضْمَنُ مَا وَطِئَتْ بِيَدِهَا وَرِجْلِهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَيِّرُهَا، وَإِنْ رَمَحَتْ مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا.

فَرْعٌ: وَإِنْ أَصَابَتْ بِفَمِهَا فَرَآهَا وَلَمْ يَمْنَعْهَا أَوْ كَانَ ذَلِكَ شَأْنَهَا وَلَمْ يَحْفَظْ فَمَهَا بِمَا يَمْنَعُهَا ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَرَهَا حِينَ أَصَابَتْ بِفَمِهَا وَلَا كَانَ ذَلِكَ شَأْنَهَا وَلَا فَعَلَ بِهَا مَا أَوْجَبَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ هُنَاكَ مَا يُوجِبُ ضَمَانَهُ؟ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّهُ جِنَايَةٌ مِنْهَا حَتَّى يُعْلَمَ غَيْرُهُ قَالَهُ. اللَّخْمِيُّ.

فَرْعٌ: وَلَوْ نَهَرَهَا بِمُفْرَدِهَا أَوْ صَاحَ عَلَيْهَا فَضَرَبَتْ أَوْ كَدَمَتْ ضَمِنَ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حِينَئِذٍ لَيْسَتْ لِلْعَجْمَاءِ إنَّمَا هِيَ جِنَايَةُ قَائِدِهَا أَوْ سَائِقِهَا أَوْ رَاكِبِهَا، قَالَ الْبَرْنِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ لِأَنَّهُ هُوَ أَوْطَأَهَا، وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>