للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَادِيَ عَشَرَ: إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ رَجَعُوا لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ ثَبَتَ بِقَوْلِ عُدُولٍ وَدَعْوَى الشُّهُودِ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَذِبِ اعْتِرَافٌ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ فَسَقَةٌ، وَالْفَاسِقُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِقَوْلِهِ، فَيَبْقَى الْحُكْمُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ لِلْقَرَافِيِّ، وَمِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ وَمِنْ الْمَازِرِيِّ.

[الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَقْضِيُّ لَهُ]

ُ وَهُوَ كُلُّ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَفِي حُكْمِهِ لِأَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ لِمُحَمَّدٍ وَمُطَرِّفٍ وَالْجَوَازُ لِأَصْبَغَ، قَالَ: وَهَذَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِيَامِ بِالْحَقِّ وَقَدْ يَحْكُمُ لِلْخَلِيفَةِ وَهُوَ فِيهِ أَقْوَى تُهْمَةً، وَالْجَوَازُ إلَّا لِزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَيَتِيمِهِ الَّذِي يَلِي مَالَهُ.

وَفِي ابْنِ يُونُسَ، وَلَا يَحْكُمُ لِعَمِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُبْرَزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَالرَّابِعُ: التَّفْرِقَةُ فَإِنْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي لَمْ يَجُزْ إنْ حَضَرَ الشُّهُودُ، وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ ظَاهِرَةً جَازَ إلَّا لِزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَيَتِيمِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ مُطْلَقًا، قَالَ: وَلَوْ حَكَمَ بِمَا تَلْحَقُهُ فِيهِ الْحَمِيَّةُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ بِحَالٍ مِنْ (شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ) لِابْنِ رَاشِدٍ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْفَعَ الشَّهَادَةَ بِمَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ لِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَلَوْ كَانَ مِمَّا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيهِ رَفَعَ لِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَرْفَعُ إلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ مِمَّنْ وَلَّاهُ هُوَ، فَقِيلَ لَا يَجُوزُ، هُوَ أَصْلُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ يَجُوزُ مِنْ الْمَذْهَبِ.

مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ قِبَلَ أَحَدٍ شَيْءٌ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ، وَوَكَّلَ وَكِيلًا يُخَاصِمُ عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ خَاصَمَ، وَلَمْ يُوَكِّلْ فَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُحَكِّمَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَقْبَلُ، وَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهَا فَيَكُونَ كَالْإِقْرَارِ مِنْهُ بِمَا ادَّعَى خَصْمُهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَصْبَغُ فِي تَحْكِيمِ خَصْمِ الْقَاضِي لَهُ: لَا أُحِبُّهُ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى، وَلْيَذْكُرْ فِي حُكْمِهِ رِضَاهُ بِتَحْكِيمِهِ، وَيُوقِعُ عِنْدَهُ شَهَادَةَ مَنْ شَهِدَ بِرِضَاهُ.

قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: فَإِنْ اجْتَمَعَ فِي الْقَضِيَّةِ حَقَّانِ حَقٌّ لِلَّهِ - تَعَالَى - وَحَقٌّ لِلْقَاضِي لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ، وَفِي حُكْمِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ قَوْلَانِ لِمُحَمَّدٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَيُتَصَوَّرُ هَذَا فِي بَيْعِ مَنْ أَعْتَقَهُ الْمِدْيَانُ إذَا كَانَ الْقَاضِي غَرِيمَهُ لِتَعَارُضِ حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي الْعِتْقِ وَحَقِّ الْقَاضِي فِي الْمَالِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>