[الْقِسْمُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ الْعَمَلِ فِي الْإِعْذَارِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِعْذَارِ وَإِرْجَاءِ الْحُجَّةِ لِلْغَائِبِ]
وَالتَّأْجِيلِ وَالتَّلَوُّمِ وَالتَّعْجِيزِ وَتَوْقِيفِ الْمُدَّعَى فِيهِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِعْذَارِ وَإِرْجَاءِ الْحُجَّةِ لِلْغَائِبِ وَالْأَصْلُ فِي الْإِعْذَارِ قَوْله تَعَالَى فِي قِصَّةِ الْهُدْهُدِ: {لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [النمل: ٢١] وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: ١٥] وقَوْله تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا} [طه: ١٣٤] الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥] وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ. قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَالْإِعْذَارُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْعُذْرِ، وَمِنْهُ قَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ أَيْ قَدْ بَالَغَ فِي الْإِعْذَارِ مَنْ تَقَدَّمَ إلَيْك فَأَنْذَرَك، وَمِنْهُ إعْذَارُ الْقَاضِي إلَى مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَقٌّ يُؤْخَذُ مِنْهُ فَيُعْذِرُ إلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي " مُعِينِ الْحُكَّامِ، وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَحْكُمَ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يُعْذِرَ إلَيْهِ بِرَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ، وَإِذَا أَعْذَرَ بِوَاحِدٍ أَجْزَأَهُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَحْكُمُ بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَهُ أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ؟ فَيَقُولُ لَا، فَإِنْ قَالَ نَعَمْ أَنْظَرَهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَدَدُهُ، وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَعَمُّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْمُتَبَادَرُ لِلذِّهْنِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقْوَى حُجَّةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَتَوَجَّهُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُدَّعِي بِالْإِبْرَاءِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ الْحُكْمِ.
وَوَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: قَالَ مَالِكٌ: وَجْهُ الْحُكْمِ فِي الْقَضَاءِ إذَا أَدْلَى الْخَصْمَانِ بِحُجَّتِهِمَا وَفَهِمَ الْقَاضِي عَنْهُمَا، وَأَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا، أَنْ يَقُولَ لَهُمَا أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ فَإِنْ قَالَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute