للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا الرَّجُلُ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ تَطْلُبُ مِنْهُ نَفَقَةَ أَوْلَادِهِ فَيَدَّعِي الْعَدَمَ، فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَمْسِ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى زَوْجَتِهِ، فَهُوَ الْيَوْم أَقْدَرُ لِزَوَالِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَنْهُ اُنْظُرْ اللَّخْمِيَّ.

[النَّوْعُ الثَّانِي مَنْ يُرِيدُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِمُوَكِّلِهِ]

مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى طَلَبِ عَبْدٍ لَهُ آبِقٍ فَأَدْرَكَهُ الْوَكِيلُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لِلَّذِي وَكَّلَهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُوَكَّلُ عَلَى طَلَبِ الْآبِقِ وَلَا يُوَكَّلُ عَلَى الْخُصُومَةِ فِيهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ الْوَكَالَةَ عَلَى الْخُصُومَةِ فِيهِ وَأَنَّهُ هَذَا الْعَبْدُ بِعَيْنِهِ، وَيُشْهِدُوا عَلَى الصِّفَةِ كَمَا وَصَفَ لَهُمْ صَاحِبُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلرَّجُلِ الْعَبْدُ فَيَبِيعُهُ ثُمَّ يَكُونُ لَهُ آخَرُ فَيَأْبَقُ، فَلَعَلَّ هَذَا الْعَبْدَ قَدْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ وَلَيْسَ هُوَ الَّذِي أَبَقَ مِنْهُ.

قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَلَوْ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ قَدْ وَكَّلَهُ عَلَى الْخُصُومَةِ فِي كُلِّ عَبْدٍ لَهُ لَكَانَ جَائِزًا أَيْضًا وَتَتِمُّ الْوَكَالَةُ، ثُمَّ تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ لَهُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ عَبْدُ فُلَانٍ لَا يَعْلَمُونَهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ ثُمَّ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ، فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً يُجْلَبُ مِنْ مِثْلِهَا إلَى الْيَمِينِ أُمِرَ أَنْ يُؤْتَى بِهِ حَتَّى يَحْلِفَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً كَتَبَ الْقَاضِي إلَى أُمَنَائِهِ بِاَلَّذِي ثَبَتَ عِنْدَهُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ وَأَمَرَ مَنْ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يُحَلِّفَهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، وَيَقْضِي بِهِ لِلْمُوَكِّلِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً جِدًّا قَضَى بِهِ لِلْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُحْبَسْ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا أَتَى الْوَكِيلُ إلَى الْقَاضِي بِشُهُودِ الْحَقِّ الَّذِي وُكِّلَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْمَعَ الْقَاضِي مِنْ بَيِّنَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَثْبُتَ وَكَالَتُهُ عِنْدَهُ فَاخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهَا، فَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ: إنْ خَافَ أَنْ يُجْرَحَ الشُّهُودُ وَكَانَ لِمَا سَأَلَهُ وَجْهٌ سَمِعَ بَيِّنَتَهُ ثُمَّ يُثْبِتُ الْوَكَالَةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَسْمَعْهَا حَتَّى تَثْبُتَ وَكَالَتُهُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ: أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ بَيِّنَةً إلَّا فِي حَالٍ يُحْكَمُ بِهَا لِلطَّالِبِ أَوْ يُدْفَعُ عَنْ الْمَطْلُوبِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ حَتَّى يُثْبِتَ وَكَالَتَهُ، وَإِنْ خَشِيَ غَيْبَتَهُمْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>