للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبَ الْحَقِّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِبَيِّنَةِ الْمُوَكِّلِ وَيَمِينِ الْوَكِيلِ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ ادَّعَى الْغَرِيمُ الْقَضَاءَ وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ إنْكَارٌ لِلْحَقِّ وَثَبَتَ الْحَقُّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَوْ أَتَى بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَبِهِ الْعَمَلُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: تُسْمَعُ مِنْهُ وَلَهُ تَحْلِيفُ الطَّالِبِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذَا أَنَّهُ قَالَ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ خَيْرٌ مِنْ يَمِينٍ فَاجِرَةٍ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ إنْكَارٌ بَلْ أَقَرَّ وَأَجَابَ إلَى الدَّفْعِ، لَكِنْ سَأَلَ النَّظِرَةَ أَنْظَرَهُ الْقَاضِي بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ، وَقِيلَ ذَلِكَ إلَى الطَّالِبِ، وَلَوْ ادَّعَى الْعَدَمَ أَوْ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُ الْأُصُولِ مُكِّنَ مِنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ وَأَجَّلَهُ فِيهِ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ أَعْذَرَ فِيهِ لِلْقَائِمِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَدْفَعٌ حَلَّفَهُ وَسَرَّحَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ حَمِيلًا بِالْمَالِ إذَا أَثْبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ الْأُصُولُ وَأَجَّلَهُ فِي بَيْعِهَا نَحْوًا مِنْ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ وَالْإِنْصَافِ، فَإِنْ أَبَى ضَيَّقَ عَلَيْهِ بِالسَّجْنِ وَالضَّرْبِ حَتَّى يَبِيعَ.

[فَصْلٌ ادَّعَى عَقَارًا بِيَدِ غَيْرِهِ زَعَمَ أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ عَمَّنْ وَرِثَهُ عَنْهُ]

فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِيمَا أَدْرَكْنَا وَأَفْتَى بِهِ شُيُوخُنَا فِيمَا عَلِمْنَا، أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَقَارًا بِيَدِ غَيْرِهِ زَعَمَ أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ عَمَّنْ وَرِثَهُ عَنْهُ، أَنَّ الْمَطْلُوبَ لَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى يُثْبِتَ الطَّالِبُ مَوْتَ مُورِثِهِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ وَرِثَ ذَلِكَ الْعَقَارَ عَنْهُ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وُقِفَ الْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ خَاصَّةً، وَلَمْ يُسْأَلْ مِنْ أَيْنَ صَارَ إلَيْهِ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَقَالَ الْمَالُ مَالِي وَالْمِلْكُ مِلْكِي وَدَعْوَاك فِيهِ بَاطِلَةٌ اُكْتُفِيَ مِنْهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَكُلِّفَ الطَّالِبُ إثْبَاتَ الْمِلْكِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ وَرِثَهُ وَإِثْبَاتَ مَوْتِهِ وَوِرَاثَتِهِ لَهُ، فَإِنْ أَثْبَتَتْ ذَلِكَ عَلَى مَا يَجِبُ مِنْ صِحَّةِ شُرُوطٍ سُئِلَ الْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ مِنْ أَيْنَ صَارَ إلَيْهِ وَكُلِّفَ الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَوْرُوثِ الطَّالِبِ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ، وَلَا يَنْفَعُهُ إثْبَاتُهُ إنْ أَثْبَتَهُ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ مَوْرُوثِ الطَّالِبِ بِوَجْهٍ يَذْكُرُهُ كُلِّفَ إثْبَاتَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَثْبَتَهُ وَعَجَزَ الطَّالِبُ عَنْ الدَّفْعِ فِي ذَلِكَ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ قَضَى عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ أَحْفَظُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>