للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ: قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: وَشَأْنُ الْقُضَاةِ فِي الْقَدِيمِ الطَّبْعُ عَلَى الْمَقَالَاتِ وَالشَّهَادَاتِ وَأَنْ يُؤَرِّخُوهَا وَيُشْهِدُوا الْعُدُولَ عَلَيْهَا، وَيَرْفَعُوهَا عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ أَوْ مَنْ يَثِقُونَ بِهِ.

وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: وَمِنْ فَوَائِدِ تَقْيِيدِ الْإِقْرَارِ وَالْمَقَالِ أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي، فَيُسْتَغْنَى عَنْ الْإِثْبَاتِ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ: وَلَا يَسْمَعُ الْحَاكِمُ مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي حَتَّى تَثْبُتَ الْمَقَالَةُ عِنْدَهُ. قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَهَذِهِ الْمَقَالَاتُ الْمُنْعَقِدَةُ عِنْدَ الْقَاضِي هِيَ الَّتِي تُفْتَتَحُ بِهَا الْخُصُومَاتُ وَتُسَمَّى مَحَاضِرَ لِمَا لَزِمَهَا مِنْ هَذَا الِاسْمِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الْمُقَدَّمِينَ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ حُضُورِ الْخَصْمَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي.

وَاخْتُلِفَ فِي اللَّفْظِ الَّذِي تُفْتَتَحُ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْفُصُولِ، فَإِنْ كَانَ الْكَاتِبُ لَهَا هُوَ الْقَاضِي قَالَ حَضَرَنِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الصَّحِيفَةَ عِنْدَهُ، فَكَأَنَّهُ مُخَاطِبٌ لِنَفْسِهِ وَمُذَكِّرٌ لَهَا بِمَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُهُمَا، وَإِلَّا كَتَبَ حَضَرَنِي رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَحَدَهُمَا نَبَّهَ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ عَرَّفَهُ بِهِ أَحَدٌ قَالَ وَعَرَّفَنِي بِهِ فُلَانٌ ثُمَّ يَكْتُبُ الْقَاضِي اسْمَهُ فِي الْآخِرِ، وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ، قَالَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِبَلَدِ كَذَا حَضَرَنِي فُلَانٌ، وَأَمَّا إنْ كَتَبَ عَنْهُ كَاتِبُهُ فَصِفَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْقَضَاءَ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ، وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَلِلْمَطْلُوبِ تَحْلِيفُهُ، وَإِنْ ادَّعَى بَيِّنَةً حَاضِرَةً أُجِّلَ فِي إحْضَارِهَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِ إلَى الْغَدِ وَيُؤَجِّلُهُ فِي الْغَائِبَةِ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ بَعْدَ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطَلَبَ الطَّالِبُ سَجْنَهُ مُكِّنَ مِنْهُ، وَلَوْ أَتَى بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا بَيِّنَةَ لِي وَقَدْ كَانَ اسْتَحْلَفَ خَصْمَهُ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ.

مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ كَانَ خِصَامُهُ عَلَى الْوَكِيلِ فَقَالَ مُوَكِّلُكَ أَبْرَأَنِي، فَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ مَا عَلِمَ بِبَرَاءَتِهِ وَيَأْخُذُ الْحَقَّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَكِّلُهُ قَرِيبًا فَيَكْتُبَ إلَيْهِ، فَيَحْلِفَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ وَيَنْتَظِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>