للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الدَّعَاوَى بِالتُّهَمِ وَالْعُدْوَانِ]

ِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَرِيئًا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ التُّهْمَةِ، فَهَذَا النَّوْعُ لَا يَجُوزُ عُقُوبَتُهُ اتِّفَاقًا، وَاخْتَلَفُوا فِي عُقُوبَةِ الْمُتَّهَمِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُعَاقَبُ صِيَانَةً لِلْبُرْءِ لِتَسَلُّطِ أَهْلِ الشَّرِّ وَالْعُدْوَانِ عَلَى أَعْرَاضِ الْبَرَاءِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ لَا يُؤَدَّبُ، قَالَ أَصْبَغُ: إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْبَرَاءِ، أُدِّبَ الْمُدَّعِي قَصَدَ أَذِيَّتَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهَا.

وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُؤَدَّبُ إذَا كَانَ ذَلِكَ طَلَبًا لِحَقِّهِ، وَإِنْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ نُكِّلَ بِهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ اُتُّهِمَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ عَيْبَهُ وَشَتْمَهُ أُدِّبَ وَإِلَّا فَلَا.

[مَسْأَلَةٌ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَهَا عَلَى نَفْسِهَا]

مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَصَبَهَا عَلَى نَفْسِهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالطَّهَارَةِ أُقِيمَ عَلَيْهَا حَدُّ الْقَذْفِ وَحَدُّ الزِّنَا، لِإِقْرَارِهَا عَلَى نَفْسِهَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى غَصْبًا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّينِ]

مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى غَصْبًا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّينِ أُدِّبَ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُؤَدَّبُ، وَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَمْ لَا؟ قَالُوا: إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَحْلِفْ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِآدَمِيِّ فَعَنْ مَالِكٍ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى جَوَازِ سَمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْأَرَاذِلُ وَالْأَشْرَارُ إلَى أَذِيَّةِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالِاسْتِهَانَةِ بِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: الْأَيْمَانُ الَّتِي فِيهَا التُّهَمُ وَالظُّنُونُ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ مِمَّنْ تَلْحَقُهُ مِثْلُ هَذِهِ التُّهْمَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ حَلَفَ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي تَعَدٍّ يَنْسُبُهُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ، لَمْ تَجِبْ الْيَمِينُ فِي هَذَا بِالْخُلْطَةِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى

<<  <  ج: ص:  >  >>