للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَكَانَ ابْنُ لُبَابَةَ يُفْتِي فِي الْمَرِيضَةِ تَجِبُ عَلَيْهَا الْيَمِينُ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ أَنَّهَا تُحَلَّفُ فِي بَيْتِهَا عَلَى الْمُصْحَفِ.

[فَصْلٌ حُضُور الْمَحْلُوفِ لَهُ أَوْ وَكِيلِهِ لِتَقَاضِي الْيَمِينِ]

فَصْلٌ: لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمَحْلُوفِ لَهُ أَوْ وَكِيلِهِ لِتَقَاضِي الْيَمِينِ، فَإِنْ تَغَيَّبَ وَكَّلَ الْقَاضِي مَنْ يَقْتَضِيهَا إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ تَغَيُّبُهُ، وَلَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِسُؤَالِ خَصْمِهِ أَوْ قَرِينَةِ حَالٍ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ لِذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي قَالَهُ الْمَازِرِيُّ، اُنْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَإِذَا أَمَرَ الْقَاضِي رَجُلًا أَنْ يُحَلِّفَ رَجُلًا فَقَالَ قَدْ حَلَّفْتُهُ وَالطَّالِبُ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمَأْمُورِ نَافِذٌ.

[فَصْلٌ تُحَلَّفُ الْمَرْأَةُ إذَا أَرَادَتْ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ]

فَصْلٌ: إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْيَمِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَفِي مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَفِيمَا لَهُ بَالٌ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ عُلِمَ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَنَذْكُرُ مِنْ مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ فِي رَجُلٍ أَشْهَدَ لِامْرَأَتِهِ أَنَّهُ غَابَ عَنْهَا فِي سَفَرِهِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ غَابَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ لَهَا، ثُمَّ تَقْضِي فِي نَفْسِهَا مَا أَحَبَّتْ، فَغَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى بَعْضِ الْحُكَّامِ، وَأَحَبَّتْ أَنْ تَأْخُذَ بِشَرْطِهَا وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا شَرَطَهُ زَوْجُهَا وَعَلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَحَلَّفَهَا الْحَاكِمُ فِي بَيْتِهَا.

وَكَانَ الْحَاكِمُ الْوَزِيرَ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَرِيشٍ وَكَتَبَ إلَى الْفُقَهَاءِ يَسْتَشِيرُهُمْ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إلَيْهِ أَبُو عُمَرَ بْنُ الْقَطَّانِ: أَمَّا يَمِينُهَا فِي بَيْتِهَا فَغَيْرُ مُجْزِئَةٍ، وَالْيَمِينُ وَاجِبَةٌ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ. قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَكَذَلِكَ تُحَلَّفُ الْمَرْأَةُ إذَا أَرَادَتْ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ أَنَّهُ مَا تَرَكَ لَهَا شَيْئًا وَلَا أَرْسَلَ إلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَقَدْ شَهِدَ لَهَا بِذَلِكَ الشُّهُودُ، وَكَذَلِكَ يُحَلَّفُ مُسْتَحِقُّ الْحَيَوَانِ وَشِبْهُهُ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ، بَعْدَ أَنْ تَشْهَدَ لَهُ الْبَيِّنَةُ.

وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي يَمِينِهَا فِي سِجِلِّ الْقَضَاءِ لَهَا بِالْأَخْذِ يُشْرَطُ فِي الْمَغِيبِ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ أَشَارُوا أَنْ تُحَلَّفَ الْمَرْأَةُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>