للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ أَوْ يَكُونَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، فَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَهَذَا الْقَائِلُ ظَنَّ الِاسْتِحْسَانَ هُوَ شَهَوَاتُ النُّفُوسِ، أَوْ مَا اسْتَحْسَنَّاهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلَوْ سَأَلَنَا وَاسْتَكْشَفَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِنَا لَاسْتَغْنَى عَنْ تَسْوِيدِ كُتُبِهِ، عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي كُتُبِهِ: اُسْتُحْسِنَ أَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ ثَلَاثِينَ، وَأَنْ يُؤَجَّلَ الشَّفِيعُ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ بِهِ فَكَيْفَ يُنْكِرُ الِاسْتِحْسَانَ. وَمَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ مَا حَسُنَ فِي الشَّرِيعَةِ وَلَمْ يُنَافِهَا.

[مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ]

مَسْأَلَةٌ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ، وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ السِّلْعَةَ وَغَابَ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَهِيَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَا وَرَدَّ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي مِثْلَ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِنَمَاءٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَلَا حَوَالَةِ سُوقٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا ثَمَنًا يُشْبِهُ ثَمَنَ السِّلْعَةِ وَادَّعَى الْآخَرُ مَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ فَائِتَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّغَابُنِ وَالشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ وَمَا يُقَارِبُهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ، لِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى رَدِّ السِّلْعَةِ وَالشَّاذُّ أَنَّهُ يُرَاعَى، قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي حَالٍ، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُشْبِهُ وَأَبْعَدَ الْآخَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ، وَإِنْ ادَّعَى الْآخَرُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَغَابَنَ بِمِثْلِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْأَشْبَهِ، وَمُرَاعَاةُ الْأَشْبَهِ هُوَ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْسَانِ.

فَرْعٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي عَدَدِ الصَّدَاقِ أَوْ فِي نَوْعِهِ، وَأَتَى أَحَدُهُمَا بِمَا يُشْبِهُ، وَأَتَى الْآخَرُ بِمَا لَا يُشْبِهُ، فَفِيهَا رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ.

إحْدَاهُمَا: يَتَحَالَفَانِ وَيُتَفَاسَخَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>