للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْمَبْسُوطِ لَا عُقُوبَةَ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ السَّرِقَةِ، وَقِيلَ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ التَّفْرِقَةِ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ نَكَلَ الشَّاهِدُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ فِي تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ: وَالْأَوْلَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَا عَدَا الشَّهَادَةِ بِمُعَايَنَةِ الزِّنَا، أَنْ لَا عُقُوبَةَ عَلَى الشَّاهِدِ إذَا كَانَ إنَّمَا أَتَى بِهَا عَلَى مَعْنَى الشَّهَادَةِ لَا عَلَى مَعْنَى، الْهَجْرِ وَالسَّبِّ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيِّنَاتِ أَنَّهَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ بِهَا أَنْ لَا عُقُوبَةَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِهَا، وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْعَدْلِ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَقْصِدَ أَذَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَحَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَصَدَ بِهَا الْأَذَى نَكَلَ وَعُوقِبَ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ فِي الشَّرِّ وَاشْتِهَارِهِ بِهِ، وَبِحَسَبِ الْمَقُولِ وَبَشَاعَتِهِ وَبِحَسَبِ الْمَقُولِ فِيهِ ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي عُيُونِ الْمَجَالِسِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ: إذَا ارْتَدَّ ثُمَّ تَابَ، لَمْ يُعَزِّرْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَيَجُوزُ أَنْ يُعَزِّرَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إذَا رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ، وَلَسْت أَعْرِفُهُ مَنْصُوصًا وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدِي وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَمَا بَعْدَهَا، أَنَّهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ شُبْهَةٌ فَارْتَدَّ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ بِسَبَبِ زَوَالِهَا، فَإِذَا عَاوَدَ الرِّدَّةَ بَعْدَ زَوَالِ الشُّبْهَةِ ثُمَّ تَابَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شُبْهَةٌ، وَلَا يُزَادُ عَلَى التَّعْزِيرِ وَلَا يُحْبَسُ وَلَا يُقْتَلُ.

[فَصْلٌ فِي عُقُوبَةِ مَنْ زَوَّرَ عَلَى الْقَاضِي]

وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي صَدَاقٍ اخْتَلَقَ عَلَى الْقَاضِي مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ، اقْرَءُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ الصَّدَاقَ حَتَّى تَأْتُوا عَلَى آخِرِهِ، وَاكْتُبُوا إلَيَّ بِمَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّهِيدَيْنِ، فَإِنَّهُ أَتَانِي مَنْ قَامَ بِالْحِسْبَةِ فَهَذَا الصَّدَاقُ الَّذِي اخْتَلَقَ.

وَقَالَ: إنِّي آمُرُهُ بِهِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>