للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ، لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ اشْتَرَى أَوْ وَرِثَ أَوْ وَهَبَ لَهُ إذَا كَانَتْ طَرِيقًا لِلْعَامَّةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا إذْنُ بَعْضِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَرِيقُ قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَيَأْذَنُونَ لَهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: أَرَى أَنَّ أَمْرَ ذَلِكَ الطَّرِيقِ إلَى الْإِمَامِ فَيَكْشِفُ عَنْ حَالِهَا، فَإِنْ رَأَى تَحْوِيلَهَا مِنْ حَالِهَا مَنْفَعَةً لِلْعَامَّةِ، وَلِمَنْ جَاوَرَهَا حَوْلَهَا فِي مِثْلِ سُهُولَتِهَا أَوْ أَسْهَلَ، وَفِي مِثْلِ قُرْبِهَا أَوْ أَقْرَبَ، فَلْيَأْذَنْ لَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ رَأَى فِي ذَلِكَ مَضَرَّةً بِأَحَدٍ مِمَّنْ جَاوَرَهَا، أَوْ بِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ هُوَ حَوَّلَ الطَّرِيقَ دُونَ نَظَرِ الْإِمَامِ وَرَأْيِهِ نَظَرَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ رَدَّهُ، لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ النَّاظِرُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ بِمَكَانِهِمْ فِي ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مِثْلَهُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ مِنْ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ.

فَرْعٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ فِي النَّهْرِ يَكُونُ لَاصِقًا بِالطَّرِيقِ، وَالطَّرِيقُ لَاصِقٌ بِأَرْضِ رَجُلٍ، فَيَحْفِرُ النَّهْرَ الْمُلَاصِقَةَ بِهِ كُلَّهَا وَيَدْخُلُ فِي أَرْضِ الرَّجُلِ، فَيُرِيدُ النَّاسُ أَنْ يَمْشُوا فِي أَرْضِهِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يُنْظِرُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ أَوْ يَحْتَالُوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ إنْ اسْتَطَاعَ ذَلِكَ، وَلَسْنَا نَرَى لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَحِلَّ الْمُرُورَ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَنَرَى لِمَنْ سَلَكَ فِيهِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً أَنْ يَتَحَلَّلَ صَاحِبُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَتَحَلُّلُهُ إيَّاهُ قَبْلَ الْمُرُورِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَحَلُّلِهِ بَعْدَ الْمُرُورِ.

[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ]

ِ وَالذَّرِيعَةِ الْوَسِيلَةِ إلَى الشَّيْءِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ: حَسْمُ مَادَّةِ وَسَائِلِ الْفَسَادِ، فَمَتَى كَانَ الْفِعْلُ السَّالِمُ عَنْ الْمَفْسَدَةِ وَسِيلَةً إلَى الْمَفْسَدَةِ مَنَعْنَا مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْقَوْلُ بِسَدِّهِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨] ، فَمَتَى خَافَ الْمُسْلِمُ إذَا سَبَّ دِينَ الْكُفْرِ يُؤَدِّي إلَى سَبِّ اللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ أَوْ الْإِسْلَامِ أَوْ أَهْلِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسُبَّ دِينَهُمْ وَلَا صُلْبَانَهُمْ، وَلَا مَا يَتَعَرَّضُ إلَى مَا يَدْعُو إلَى ذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>