للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: إيقَاعُ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا عَلِمَ الشَّاهِدُ غَيْرَهُ مِنْ بَاطِنِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ كَمَا يَتَحَقَّقُ الْمُشْتَرِي أَنَّ بَعْضَهَا أَوْ جُلَّهَا مِنْ زِيَادَةِ النَّخَّاسِينَ وَكَذِبِهِمْ، فَيَنْبَغِي أَوْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا مَا يَصِحُّ وَيُمْكِنُ وَأَشْبَاهُ هَذَا كَثِيرٌ. وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا مِنْهُ عَلَى الْآكَدِ إذْ لَا يُمْكِنُ حَصْرُ مَا يَقَعُ مِنْ الْغَلَطِ وَالسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَى أَصْلٍ قَالَ وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَوْ لَمْ نَذْكُرْهُ لَا يُسْتَطَاعُ الِانْفِصَالُ عَنْهَا فِي الْبَلَدِ الَّتِي اُعْتِيدَتْ فِيهِ إلَّا بِاعْتِنَاءِ الْقَاضِي بِهَا، وَالتَّقَدُّمِ فِيهَا وَمُوَالَاةِ الْبَحْثِ عَنْهَا، وَالتَّعْنِيفِ لِمَنْ يُوَاقِعُهَا؛ لِأَنَّ مَا يَعْتَادُهُ الْجُمْهُورُ لَا يَصْرِفُهُمْ عَنْهُ تَوَقِّي الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ لَهُ، وَلَا تَعْلِيمُ الْمُعَلِّمِينَ وَوَعْظُ الْمُجْتَهِدِينَ، مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إرْهَابٌ مِنْ السُّلْطَانِ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي وَيَحِقُّ عَلَيْهِ الِاعْتِنَاءُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَالتَّنْقِيبُ عَنْ أَمْثَالِهَا وَرَدُّ مَسَائِلِ الشَّرْعِ إلَى أُصُولِهَا.

[فَصْلٌ لَا يَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ فِي كِتَابٍ مَخْتُومٍ]

ٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا فِيهِ، وَلَعَلَّهُ لَا يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا، أَوْ لَعَلَّ فِيهِ مَا لَا يَحِلُّ سَمَاعُهُ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ، فَإِنْ وَثِقَ بِصَاحِبِهِ وَأَمِنَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَدَعَتْهُ الثِّقَةُ بِهِ إلَى الشَّهَادَةِ فَفِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ خِلَافٌ.

قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ وَإِنْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى الشُّهُودِ صَحِيفَةً مَطْوِيَّةً، وَقَالَ لَهُمْ دَافِعُهَا: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا وَلَمْ يَعْرِفْ الشُّهُودُ مَا تَضَمَّنَتْهُ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ ذَكَرَ فِي الْمَعُونَةِ أَنَّ فِي هَذَا رِوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ وَقَبُولِهَا، وَبِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ، وَرَجَّحَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ الْجَوَازَ، وَاحْتَجَّ لَهُ وَوَافَقَهُ الْمَازِرِيُّ وَفِي مُخْتَصَرِ أَبِي بَكْرٍ الْوَقَارِ: لَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ خَتَمَ عَلَيْهَا خَتْمًا يَعْرِفُهُ، فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>