فَرْعٌ: قَالَ أَشْهَبُ: لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً أَوْ غَيْرَهَا فَجَحَدَ فَأَخَذَهَا مِنْ بَيْتِهِ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِمِلْكِهِ لَهَا.
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ سُرِقَ لَهُ حُلِيٌّ فَوَجَدَهُ عِنْدَ صَائِغٍ، وَزَعَمَ الصَّائِغُ أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ بِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَلَا قَطْعَ عَلَى الصَّائِغِ، لِأَنَّ مَنْ وُجِدَ عِنْدَهُ مَتَاعُهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَهُ، أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَاسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ، وَزَعَمَ أَنَّهُ سُرِقَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: فِيمَنْ تُوجَدُ مَعَهُ السَّرِقَةُ فَيَقُولُ: ابْتَعْتهَا مِنْ السُّوقِ وَلَا أَعْرِفُ بَائِعَهَا، وَهِيَ ذَاتُ بَالٍ أَوْ لَا بَالَ لَهَا، وَادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ أَنَّهَا أَكْثَرُ مِمَّا وُجِدَ مَعَهُ، أَنَّهَا تُرَدُّ إلَى رَبِّهَا بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ، وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِصَّةِ خُلِّيَ سَبِيلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْبَرَاءَةِ أُدِّبَ الْمُدَّعِي.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُؤَدَّبُ إذَا كَانَ ذَلِكَ طَلَبًا مِنْهُ لِحَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ نَكَلَ.
[فَصْلٌ الزِّنَا وَاللَّوْطُ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا]
وَالزِّنَا مُحَرَّمٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَيَجِبُ فِيهِ الْعُقُوبَةُ وَالصَّدَاقُ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُكْرَهَةً أَوْ غَيْرَ عَالِمَةٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي تَوَجُّهِ الْعُقُوبَةِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: الْبُلُوغُ، فَلَا حَدَّ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا صَبِيَّةٍ وَيُعَاقَبَانِ، وَلَا تُحَدُّ الْبَالِغَةُ بِوَطْءِ صَبِيٍّ وَإِنْ قَوِيَ عَلَى الْجِمَاعِ وَيُحَدُّ الْبَالِغُ بِوَطْءِ الصَّبِيَّةِ إذَا كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُحَدُّ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ خَمْسٍ، وَأَوْجَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحَدَّ بِالْإِنْبَاتِ، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِالْإِنْبَاتِ، وَإِذَا قُلْنَا: يُحْكَمُ بِالْإِنْبَاتِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ إنْبَاتًا بَيِّنًا بِشَعْرٍ أَسْوَدَ.
فَرْعٌ: وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مُوجِبُ حَدٍّ وَقَدْ أَنْبَتَ وَلَمْ يَبْلُغْ أَقْصَى سِنِّ مَنْ يَحْتَلِمُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَحْتَلِمْ فَفِي حَدِّهِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ، وَالْأَصَحُّ سُقُوطُ الْحَدِّ لِأَجْلِ الشَّكِّ مِنْ مُفِيدِ الْحُكَّامِ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute