للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: وَنَرَى السَّبْعَةَ وَالثَّمَانِيَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ طُولًا مِنْ الْغَيْبَةِ، وَعُذْرًا فِي تَرْكِ الْقُدُومِ وَالطَّلَبِ وَالتَّوْكِيلِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، إلَّا أَنَّا نَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ فِي غَيْبَتِهِ إذَا عَلِمَ بِحِيَازَةِ مَالِهِ عَنْهُ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ لَمْ يُوهِنْ ذَلِكَ حُجَّتَهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ جِدًّا، مِثْلَ السَّبْعِينَ سَنَةً أَوْ الثَّمَانِينَ وَمَا قَارَبَهَا، وَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ سَمَاعٌ مُسْتَفِيضٌ بِأَنَّهَا مِلْكُ الَّذِينَ هِيَ بِأَيْدِيهِمْ تَدَاوُلُهَا، هُمْ وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِمَا يُحَازُ بِهِ الْمِلْكُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْحِيَازَةِ عَلَى الْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِقَوْلِهِمَا أَقُولُ.

[فَصْلٌ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْحَاضِرِ الرِّبَاعَ وَالْعَقَارَ]

فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْحَاضِرِ الرِّبَاعَ وَالْعَقَارَ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ أَصْبَغُ: مَا حَازَهُ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ أَيُّ الْحِيَازَاتِ كَانَ مِنْ سُكْنَى فَقَطْ، أَوْ ازْدِرَاعٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بُنْيَانٍ صَغُرَ شَأْنُهُ أَوْ عَظُمَ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْحِيَازَاتِ كُلِّهَا، فَذَلِكَ تَوْجِيهٌ لِحَائِزِهِ، وَتَقْطَعُ حُجَّةَ صَاحِبِهِ، وَهِيَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ كَمَا يَكُونُ الرَّهْنُ شَاهِدًا لِصَاحِبِهِ بِحِيَازَتِهِ إيَّاهُ، وَكَمَا يَكُونُ السِّتْرُ شَاهِدًا لِلْمَرْأَةِ بِإِرْخَائِهِ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الَّذِي فَسَّرْنَا، وَرَأَوْا الْعَشْرَ سِنِينَ وَمَا قَارَبَهَا، يَعْنِي كَالثَّمَانِ وَالتِّسْعِ حِيَازَةً فِيمَا بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَانَ مَالِكٌ لَا يُؤَقِّتُ الْحِيَازَةَ لَا عَشْرَ سِنِينَ وَلَا غَيْرَهَا، وَكَانَ يَرَى ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَنْزِلُ مِنْ الْأَمْرِ، وَيَرَى فِيهِ الْإِمَامُ رَأْيَهُ وَتَابَعَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بَعْضُهُ أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ مُجَاوِرًا لِحَائِزِهِ مُقِيمًا مَعَهُ بِبَلَدِهِ، عَالِمًا بِإِحْدَاثِهِ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّا هَدَمَ وَبَنَى لَا يُنْكِرُ وَلَا يَدْفَعُ، فَإِنَّ هَذِهِ حَالَةُ إقْرَارٍ لَا شَيْءَ لَهُ مَعَهَا فِيمَا ادَّعَى مِنْ ذَلِكَ، وَأَثْبَتَ أَصْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَكَانَ غَائِبًا عَنْهُ، أَوْ كَانَ الطَّالِبُ مُدَّعِيًا لِشِرَاءٍ لَمْ يُثْبِتْهُ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، فَذَلِكَ لِلطَّالِبِ الَّذِي لَهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ، أَوْ لِمَنْ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ إذَا حَلَفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>