قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ لَا شَهَادَةَ لَهُ، لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى ذِمَّةِ الرَّاهِنِ، وَكَذَا إنْ اُسْتُحِقَّ أَوْ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَا إنْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ رَهْنٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي كَمْ هُوَ؟ وَقَالَ وَرَثَتُهُ لَا عِلْمَ عِنْدَنَا، فَالرَّاهِنُ مُصَدَّقٌ وَإِنْ ادَّعَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَيَحْلِفُ، وَضَعُفَتْ يَمِينُهُ لِعَدَمِ مَنْ يَدَّعِي خِلَافَ ذَلِكَ، قَالَ أَشْهَبُ: وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا حَلَفَ الرَّاهِنُ وَدَفَعَ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إلَى الرَّهْنِ حَتَّى يَكْبُرَ الصِّغَارُ فَيَحْلِفُونَ إنْ ادَّعَوْا عِلْمًا، وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ وَإِلَّا حَلَفَ وَأَخَذَ رَهْنَهُ، ثُمَّ حَيْثُ اعْتَبَرْنَا قِيمَتَهُ فَذَلِكَ يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَيَوْمَ الْقَبْضِ إنْ كَانَ تَالِفًا، وَبَعْضُ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي، وَفِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا.
[الْبَابُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الْوَثِيقَةِ وَالرَّهْنِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ]
وَإِذَا وُجِدَتْ وَثِيقَةُ الدَّيْنِ بِيَدِ الْمَطْلُوبِ مَمْحُوَّةً، وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَ مَا فِيهَا وَسَلَّمَهَا رَبُّ الدَّيْنِ إلَيْهِ، وَرَبُّ الدَّيْنِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَيَدَّعِي سُقُوطَهَا فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقِيلَ: تُرَدُّ لِرَبِّ الدَّيْنِ لِإِمْكَانِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ شَيْئًا، وَيَغْرَمُ الْمَطْلُوبُ وَهُوَ الْمَشْهُودُ، وَقِيلَ: لَا تُرَدُّ إلَيْهِ وَهِيَ شَهَادَةٌ لِلْمِدْيَانِ بِالْقَضَاءِ، لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ فِي الْأَغْلَبِ، لِأَنَّ الْأَغْلَبَ دَفْعُ الْوَثِيقَةِ إلَى مَنْ هِيَ عَلَيْهِ إذَا أَدَّى الدَّيْنَ، فَتَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ.
فَرْعٌ: قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إذَا كَتَبَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ فِي ذِكْرِ حَقٍّ فَطُولِبَ بِهَا، فَزَعَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ الْحَقَّ، لَمْ يَشْهَدْ الشَّاهِدُ حَتَّى يُؤْتَى بِالْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ شَهَادَتُهُ بِخَطِّهِ، لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ أَخْذُ الْوَثَائِقِ إذَا أَدَّوْا الدُّيُونَ.
فَرْعٌ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ وَثِيقَتَهُ بِالْحَقِّ ضَاعَتْ مِنْهُ، وَسَأَلَ الشَّاهِدَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمَا عَلِمَ فَذَلِكَ لَهُ إنْ حُفِظَ ذَلِكَ، قَالَهُ مُطَرِّفٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَشْهَدُ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute