للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ حَقِّهِ بِحِيَازَتِهِ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ وَهَذَا حَاضِرٌ وَأَتَى عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَتَبْقَى بِيَدِ الْمَطْلُوبِ، وَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي لِمَ تَرَكْتَهُ يَحُوزُهَا عَلَيْك هَذَا الزَّمَانَ، فَإِنْ قَالَ بِكِرَاءٍ أَوْ إسْكَانٍ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُعَدَّلْ وَضُرِبَتْ الْآجَالُ لَهُ فَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ، عَجَّزَهُ السُّلْطَانُ عَنْ أَخْذِ ذَلِكَ، وَكَانَ حَقًّا عَلَى الْقَاضِي هَا هُنَا أَنْ يَكْتُبَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كِتَابًا، وَيُسَجِّلَ لَهُ بِحُكْمِهِ، وَيَقْطَعَ حُجَّةَ الْمُدَّعِي عَنْهُ، ثُمَّ إنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَحَقَّ مِنْ الْأُولَى أَوْ أَعْدَلَ لَمْ يَنْظُرْ لَهُ فِي ذَلِكَ لَا ذَلِكَ الْحَاكِمُ، وَلَا مَنْ بَعْدَهُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَوْلُهُ هَذَا دَقِيقٌ حَسَنٌ وَمَنْ أَخَذَ بِهِ لَمْ يُخْطِئْ، وَقَدْ أَعْلَمْت بِهِ أَصْبَغَ فَاسْتَحْسَنَهُ، وَرُوِيَ الْقَوْلُ الْآخَرُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ يُعَجِّزُ فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُقُوقِ وَلَا يَنْظُرُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّعْجِيزِ فِي بَيِّنَتِهِ، لَا هَذَا الْحَاكِمُ وَلَا مَنْ بَعْدَهُ إلَّا فِي الْعَتَاقِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَمِمَّا يُشْبِهُ الْعَتَاقَ وَالنَّسَبَ وَالطَّلَاقَ الْحَبْسُ وَطَرِيقُ الْعَامَّةِ، وَشِبْهُهُ مِنْ مَنَافِعِهِمْ لَيْسَ عَجْزَ طَالِبِهِ يُوجِبُ مَنْعَهُ أَوْ مَنْعَ غَيْرِهِ مِنْ النَّظَرِ لَهُ إنْ أَتَى بِوَجْهٍ، وَقَدْ شَاهَدْت الْحُكْمَ وَالْفَتْوَى بِذَلِكَ فِي الْحَبْسِ.

وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ وَالدَّمُ مِثْلُ الطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ وَالْعَتَاقِ اُنْظُرْهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ.

مَسْأَلَةٌ: إذَا قَامَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فَخَاصَمَ فِي شَيْءٍ فَقَضَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ أَحَدُ شُرَكَائِهِ يُرِيدُ الْمُخَاصَمَةَ فِيهِ أَيْضًا، فَإِنْ قَامَ بِمَا قَامَ بِهِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ حَكَمَ عَلَيْهِ وَأَلْحَقَهُ بِهِ وَلَمْ تُسْمَعْ حُجَّتُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ جَاءَ بِغَيْرِ ذَلِكَ نَظَرَ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يُعَجِّزْهُ، وَكَذَا مَنْ يَدَّعِي حَقًّا لِلْعَامَّةِ، وَذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي تَقْسِيمِ الْمُدَّعَى لَهُمْ فِي النَّوْعِ السَّادِسِ.

تَنْبِيهٌ: وَمَذْهَبُ سَحْنُونٍ فِي الطَّالِبِ كَمَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي تَرْكِ تَعْجِيزِهِ، وَأَنَّهُ مَتَى أَحَقَّ حَقَّهُ قَضَى لَهُ بِهِ، وَيَقُولُ فِي الْمَطْلُوبِ مِنِّي حُكِمَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَاسْتِقْصَاءِ الْحُجَجِ وَالتَّسْجِيلِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ حُجَّةً يَأْتِي بِهَا.

[فَصْلٌ الْقَاضِي إذَا أَرَادَ أَنْ يُسَجِّلَ عَلَى الَّذِي عَجَّزَهُ]

فَصْلٌ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا أَرَادَ أَنْ يُسَجِّلَ عَلَى الَّذِي عَجَّزَهُ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّ الْيَمِينَ لَهُ عَلَى الْمُسَجِّلِ لَهُ، إنْ كَانَتْ الْقَضِيَّةُ فِي مَالٍ، وَظَهَرَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>