[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي مَرَاتِبِ الشُّهُودِ فِي الشَّهَادَةِ]
فِي مَرَاتِبِ الشُّهُودِ فِي الشَّهَادَةِ وَهِيَ إحْدَى عَشْرَةَ رُتْبَةً: الْأُولَى: الشَّاهِدُ الْمُبَرِّزِ فِي الْعَدَالَةِ الْعَالَمُ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَجْرِيحُهُ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا أَبْهَمَهُ، وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ التَّجْرِيحُ إلَّا بِالْعَدَاوَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ التَّجْرِيحَ لَا يُقْبَلُ فِيهِ أَصْلًا لَا بِالْعَدَاوَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا.
الثَّانِيَةُ: الشَّاهِدُ الْمُبَرِّزُ فِي الْعَدَالَةِ غَيْرُ الْعَالَمِ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ إذَا أَبْهَمَ ذَلِكَ.
الثَّالِثَةُ: الشَّاهِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ إلَّا فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي بَعْضِهَا، وَهِيَ: التَّزْكِيَةُ وَشَهَادَتُهُ لِأَخِيهِ وَلِمَوْلَاهُ وَلِصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ وَلِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ، وَإِذَا زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا، وَيُقْبَلُ فِيهِ التَّجْرِيحُ بِالْعَدَاوَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يُسْأَلُ عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ إذَا أَبْهَمَ ذَلِكَ.
الرَّابِعَةُ: الشَّاهِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ غَيْرُ الْعَالَمِ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، حُكْمُهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ كَيْفِيَّةِ عِلْمِهِ بِمَا شَهِدَ بِهِ إذَا أَبْهَمَ ذَلِكَ.
الْخَامِسَةُ: الشَّاهِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ، إذَا قَذَفَ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ اُخْتُلِفَ فِي إجَازَةِ شَهَادَتِهِ فَلَمْ يُجِزْهَا ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَأَصْبَغُ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ بِالْحَدِّ تَسْقُطُ الشَّهَادَةُ.
السَّادِسَةُ: الشَّاهِدُ الَّذِي يُتَوَسَّمُ فِيهِ الْعَدَالَةُ، تَجُوزُ شَهَادَتُهُ دُونَ تَزْكِيَتِهِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ فِي السَّفَرِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا تَجُوزُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ دُونَ تَزْكِيَةٍ، فَهَذَا هُوَ الْمَجْهُولُ الْحَالِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: الشَّاهِدُ الَّذِي لَمْ تَثْبُتْ لَهُ عَدَالَةٌ وَلَا جُرْحَةٌ يَشْهَدُ فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ، وَلَا يَحْمِلُهُ عَلَى فِسْقٍ وَلَا عَدَالَةٍ حَتَّى يَنْكَشِفَ لَهُ إحْدَى الْحَالَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَجَازَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ شَهَادَةَ الْمَجْهُولِ الْحَالِ فِي الْيَسِيرِ جِدًّا مِنْ الْمَالِ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute