للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَتَاعِهِ فِي أَدَاءِ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَفِرَّ عَنْهُ، غَيْرَ أَنَّهُ يَتَوَقَّعُ فِي هُرُوبِهِ أَنْ يُخَالِفَهُ إلَى مَنْزِلِهِ بِالنَّسْفِ وَالِاجْتِيَاحِ وَالْمَعَرَّةِ فِي أَهْلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَتَوَقَّعُ مَا قَدْ فُعِلَ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُوَكَّلِ بِهِ الْمَحْبُوسِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ آمِنٍ مَعَرَّتَهُ فَهُوَ كَأَسِيرِهِ، وَسَوَاءٌ أَمَرَهُ بِبَيْعِ مَتَاعِهِ أَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ غَيْرَهُ مِنْ أَعْوَانِهِ.

مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا مَا أَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ رَقِيقِ الْمَضْغُوطِ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ أَنْصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَضْغُوطَ مِنْ حَقِّهِ كَانَ أَوْلَى بِرَقِيقِهِ، وَيَبْطُلُ مَا أَحْدَثَ الْمُبْتَاعُ فِيهِمْ، كَانَ الْمُبْتَاعُ عَالِمًا بِحَالِهِ أَوْ جَاهِلًا.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا سَخَطَ الْأَمِيرُ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ فَأَصَابَ مِنْهُمْ رِجَالًا بِالْقَتْلِ وَنَفَى سَائِرَهُمْ عَنْ دُورِهِمْ وَقُرَاهُمْ، وَشَرَّدَهُمْ إلَى قَاضِي بَلَدِهِمْ فَلَبِثُوا عَلَى هَذَا الْبَلَاءِ، ثُمًّ إنَّ الْأَمِيرَ آمَنَ مِنْهُمْ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ قَرْيَتِهِ مِنْهُ أَوْ دَارِهِ، فَيَدْخُلُ الْبَلَدَ آمِنًا حَتَّى يَشْتَرِيَ مِنْهُ دَارِهِ وَيَنْقُدَهُ ثَمَنَهُ، ثُمًّ يَأْمُرُ بِالْخُرُوجِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ التَّشْرِيدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ وَأَذِنَ لَهُمْ فِي السُّكْنَى فَلَا نَرَى بَيْعَهُمْ ذَلِكَ جَائِزًا عَلَيْهِمْ، وَنَرَاهُمْ أَحَقَّ بِمَا بَاعُوا مِثْلَ غَاصِبِ الْمَنْزِلِ مِنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِيه مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَيُمَلِّكَهُ إيَّاهُ، إلَّا أَنْ تَكُونَ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ قَبْلَ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ رَدَّا بَيِّنًا، وَأَمِنُوا مِنْ الظُّلْمِ إنْ شَاءُوا بَاعُوا وَإِنْ شَاءُوا أَمْسَكُوا وَيَسْكُنُونَهَا وَلَا يَنْفُونَ عَنْهَا، قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ، قَالُوا: وَلَهُمْ أَنْ يُقَاصُّوا فِي الْأَثْمَانِ الَّتِي أَخَذُوهَا بِمَا أُخِذَ مِنْ غَلَّاتِهِمْ وَكِرَاءِ أَرْضِهِمْ وَدُورِهِمْ الَّتِي سُكِّنَتْ بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ سَوَاءٌ.

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الظَّالِمِ مَالَ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُصَادَرَةِ]

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ: فِي الْعُمَّالِ يُوَلُّونَ بِطَلَبَةٍ مِنْهُمْ أَوْ كُرْهٍ فَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيَسِيرُونَ فِيهِ سِيرَةَ الظُّلْمِ ثُمَّ يُعْزَلُونَ عَلَى سَخْطَةٍ مِنْ الْوَالِي عَلَيْهِمْ، فَيُرْهِقُهُمْ وَيُعَذِّبُهُمْ فِي غُرْمٍ يُغَرَّمُهُمْ انْتِقَامًا لِلَّهِ تَعَالَى مِنْهُمْ، وَلِيَرُدَّهُ عَلَى أَهْلِ الَّذِينَ أُخِذَ مِنْهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ يُغَرِّمُهُمْ لِنَفْسِهِ عَلَى غَيْرِ تَحَرِّي الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، فَيَلْجَئُوا فِي ذَلِكَ إلَى بَيْعِ أَمْتِعَتِهِمْ وَرَقِيقِهِمْ، فَذَلِكَ مَاضٍ عَلَيْهِمْ سَائِغٌ لِمَنْ ابْتَاعَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا بَاعَهُ الْمَضْغُوطُ فِي الْحَقِّ الَّذِي يَلْزَمُهُ، أَوْ الدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>