للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا. حَكَمَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ حُجَّةً بَعْدَ إنْفَاذِهِ، يَعْنِي إنْفَاذَ الْقَضَاءِ، وَإِنْ قَالَ: نَعَمْ بَقِيَتْ إلَيَّ حُجَّةٌ أَنْظَرَهُ الْقَاضِي، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى حُجَّتِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي، وَعِنْدَ غَيْرِهِ مَعَ بَقَاءِ وِلَايَتِهِ وَبَعْدَهَا، وَيُنْظِرُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي وَمَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يَظْهَرْ لَدَدُهُ فَحِينَئِذٍ يُعَجِّزُهُ وَالْكَلَامُ عَلَى التَّعْجِيزِ يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

مَسْأَلَةٌ: إذَا حَصَلَتْ التَّزْكِيَةُ لِلشُّهُودِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعْذَارِ فِي الْمُزَكِّي وَالْمُزَكَّى، ثُمَّ هَلْ يُعْذِرُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَهُ؟ فِي الْمَذْهَبِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: يَقُولُ لَهُ دُونَكَ فَاجْرَحْ وَإِلَّا حَكَمْت عَلَيْكَ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ وَذَلِكَ وَهْنٌ لِلشَّاهِدِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ بِالتَّزْكِيَةِ، وَلَا يَقُولُ لَهُ فِي الْمُبَرَّزِينَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَقُولُهُ لِمَنْ لَا يَدْرِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ وَالضَّعِيفِ.

ثُمَّ حَيْثُ قُلْنَا بِالْإِعْذَارِ فَمَا الَّذِي يُسْمَعُ مِنْهُ؟ قَالَ ابْنُ شَاسٍ يُسْمَعُ فِي مُتَوَسِّطِ الْعَدَالَةِ الْقَدْحُ فِيهَا، وَأَمَّا الْمُبَرِّزُ الْمَعْرُوفُ بِالصَّلَاحِ فَيُسْمَعُ فِيهِ الْقَدْحُ بِالْعَدَاوَةِ وَالْقَرَابَةِ وَالْهِجْرَةِ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: يُمَكَّنُ مِنْ التَّجْرِيحِ وَلَمْ يُفَرِّقْ.

وَإِذَا قُلْنَا بِسَمَاعِ الْجَرْحِ فِي الْمُبَرِّزِ فَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ الْمُبَرِّزِ فِي الْعَدَالَةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُجَرِّحُ الشَّاهِدُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَفَوْقَهُ، وَلَا يُجَرِّحُهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ، إلَّا بِالْعَدَاوَةِ، وَالْهِجْرَةِ، أَمَّا بِالْقَدْحِ فِي الْعَدَالَةِ فَلَا.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُجَرِّحُهُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَفَوْقَهُ وَدُونَهُ بِالْإِسْفَاهِ وَبِالْعَدَاوَةِ إذَا كَانَ عَدْلًا عَارِفًا بِوُجُودِ الْجَرْحِ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا يُقْبَلُ التَّجْرِيحُ فِي الْمُبَرِّزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُجَرِّحُونَ مَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ وَأَعْدَلَ مِنْهُ، وَيَذْكُرُونَ مَا جَرَّحُوهُ بِهِ مِمَّا يَثْبُتُ بِالْكَشْفِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يُجَرِّحُ الشَّاهِدُ مَنْ دُونَهُ بِالْعَدَاوَةِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ.

مَسْأَلَةٌ: وَيُعْذِرُ فِي تَعْدِيلِ الْعَلَانِيَةِ دُونَ تَعْدِيلِ السِّرِّ، فَلَا يُعْذِرُ الْقَاضِي فِي الْمُعَدِّلِينَ سِرًّا " اُنْظُرْهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ ".

[فَصْلٌ وَقْتِ الْإِعْذَارِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ]

فَصْلٌ: وَفِي " مُفِيدِ الْحُكَّامِ ": وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِ الْإِعْذَارِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَقِيلَ يُعْذِرُ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَبِهِ الْعَمَلُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعْذِرُ إلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>