للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الْخَمْسُونَ فِي الْقَضَاءِ بِعِلْمِ الْقَاضِي وَنُفُوذِ قَوْلِهِ]

فِي الْقَضَاءِ بِعِلْمِ الْقَاضِي وَنُفُوذِ قَوْلِهِ وَاخْتِلَافُ الْقَاضِي وَالشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فَإِذَا كَانَ الْحَاكِمُ عَالِمًا بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ لَزِمَهُ أَنْ يُعَدِّلَهُ إذَا سَأَلَ عَنْهُ، فَذَلِكَ الَّذِي يُجِيزُ شَهَادَتَهُ عَلَى عِلْمِهِ وَلَا يَسْتَعِدُّ لَهُ لَا سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً، وَإِنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ إلَّا أَنَّهُ مَعْرُوفُ الْعَدَالَةِ قَبْلَ ذَلِكَ إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ مِنْ الشَّاهِدِ جُرْحَةً، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا لَزِمَهُ أَنْ يَجْرَحَهُ إذَا سَأَلَ عَنْهُ، فَلَا يَسْتَعِدُّ لَهُ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَلَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ، وَإِنْ عَدَّلَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ عِنْدَهُ بِجَمِيعِ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ عِلْمَهُ بِهِ إلَى أَحَدٍ فَوْقَهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَاتِ.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي التَّجْرِيحِ، قَالَ أَصْبَغُ وَذَلِكَ إذَا كَانَ يُحْدِثَانِ مَا عَلِمَ بِهِ الْجَرْحَةَ وَالْفَسَادَ، فَأَمَّا بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ فَأَرَى أَنْ يَسْتَعِدَّ لَهُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهَذَا أَحْسَنُ، قَالَ فَضْلٌ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي لِعَانِهِ وَذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ التَّعْدِيلُ وَإِنْ عَلِمَ خِلَافَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ عِنْدَ رَدِّ الشَّهَادَةِ مَعَ التَّعْدِيلِ قَاضٍ بِعِلْمِهِ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ إنْ عَلِمَهُ الْقَاضِي غَيْرَ عَدْلٍ وَلَا رِضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ.

فَرْعٌ: وَلَوْ جَاءَ شَهِيدَانِ، إمَّا مَجْرُوحَانِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ يَقْبَلُهُمَا إلَّا بِتَعْدِيلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي شَهِدَا بِهِ حَقٌّ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَهُ بِغَيْرِ تَعْدِيلٍ وَلَا بِإِمْضَاءِ مَجْرُوحٍ قَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّهُ، وَلَوْ كَانَ يَزِيدُ عِلْمُهُ بِشَيْءٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَهُ بِلَا شَاهِدٍ؛ لِأَنَّهُ مَجْرُوحٌ.

فَرْعٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي بَابِ الْحُكْمِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ، قَالَ: وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَقَبِلَ شَهَادَتَهُ عَلَى عِلْمِهِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ، وَلَيْسَ مِثْلَ تَعْدِيلِهِ إيَّاهُ عِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ؛ لَأَنْ يَقْبَلَ الْحَاكِمُ الشَّهَادَةَ عَلَى عِلْمِهِ بِعَدَالَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ عَلَى عِلْمِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>