للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْحَاكِمِ إذَا قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي شُهُودٌ فِي وَجْهِ كَذَا، أَوْ أَنَّهُ أَعْذَرَ إلَيَّ فُلَانٌ فِي كَذَا، أَوْ أَنَّهُ أَجَّلَهُ وَانْقَضَتْ الْآجَالُ وَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ أَوْ أَنَّهُ عَجَّزَهُ.

فَرْعٌ: وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عِنْدَ الْقَاضِي فِي حَقٍّ وَفِي عِلْمِ الْقَاضِي مَا فِي عِلْمِ الشَّاهِدَيْنِ، فَلَا يُبِيحُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْمَدْفَعَ فِيهِمَا وَلَا فِيمَنْ عَدَّلَهُمَا إذَا كَانَا مُعَدَّلَيْنِ.

فَرْعٌ: وَإِنْ كَانَ قِبَلَ أَحَدٍ شَيْءٌ أَوْ لِأَحَدٍ قِبَلَهُ شَيْءٌ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ، وَوَكَّلَ وَكِيلًا يُخَاصِمُهُ عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ خَاصَمَ وَلَمْ يُوَكِّلْ، فَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُحَكِّمَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَقْبَلُ وَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ إلَّا إنْ شَاءَ، وَأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهَا فَيَكُونُ كَالْإِقْرَارِ مِنْهُ بِمَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ خَصْمُهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ تَحْكِيمِ الْخَصْمِ لِخَصْمِهِ فَيَحْكُمُ لِنَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا، فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَيَمْضِي مَا لَمْ يَكُنْ جَوْرًا بَيِّنًا أَوْ خَطَأً لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ مِنْ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ حَكَمَ خَصْمُهُ فَثَالِثُهَا يُمْضِي مَا لَمْ يَكُنْ الْمُحَكَّمُ الْقَاضِيَ، وَعَلَّلَ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَوْلَ بِالتَّفْرِقَةِ بِأَنَّ خَصْمَ الْقَاضِي قَدْ يَخَافُ فَيَرْضَى بِحُكْمِهِ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَشَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ إلَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِمَا يَحْكُمُ بِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ أَوَّلًا وَلَا يَنْفُذُ، وَأَشَارَ أَيْضًا إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يُظَنُّ بِهِ مَعْرِفَةَ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ، وَكَانَ ذَلِكَ هُوَ مَذْهَبُ الْخَصْمَيْنِ فَحَكَمَ بِخِلَافِ مَا كَانَا يَظُنَّانِهِ مِنْ الْمَذْهَبِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمَا، كَمَا إنْ كَانَ الْحَاكِمُ وَاَللَّذَانِ حَكَّمَاهُ مَالِكِيَّيْنِ، وَهَذَا التَّنْبِيهُ يَتَعَلَّقُ بِفَصْلِ التَّحْكِيمِ وَلَيْسَ هُوَ خَاصًّا بِالْفَرْعِ الْمُتَقَدِّمِ.

فَرْعٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَتْبَعَ آخَرَ بِمَالٍ أَوْ دَمٍ أَوْ حَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ، وَكَانَ الْحَاكِمُ فِيهِ شَاهِدًا لَمْ تَمْنَعْهُ شَهَادَتُهُ فِيهِ، أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ أَهْلِهِ بِالشُّهُودِ كَمَا يَقْضِي فِي غَيْرِهِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ فِيهَا بِشَهَادَةِ نَفْسِهِ، وَلَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ بِمَا قِبَلَهُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ، الَّذِينَ هُمْ أَمْثَالُهُ مِنْ الْقُضَاةِ أَوْ وُلَاةِ السُّوءِ وَأَصْحَابِ الشُّرْطَةِ وَالْأُمَرَاءِ الَّذِينَ يَقْضُونَ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>