للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الرَّجُلِ فَطَلَبَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْإِضْرَارِ بِالْمُدَّعِي وَالْإِسَاءَةِ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ اضْطَرَبَ عَلَيْهِ الصَّوْتُ اضْطِرَابًا فَاحِشًا، وَأَنَّ زَوْجَةَ الْمُدَّعِي لَمَّا خَرَجَتْ عَنْهُ إنَّمَا زَالَتْ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالشَّرِّ وَيُنْسَبُ إلَى الْأَفْعَالِ الَّتِي ادَّعَى بِهَا عَلَيْهِ، وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ شُهْرَتِهِ بِذَلِكَ فَاسْتَغْنَى الْقَاضِي فِي ذَلِكَ فَأَجَابُوهُ: بِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُشَدِّدَ عَلَى هَذَا الْمَرْمِيِّ بِالشَّرِّ بِالْحَبْسِ الطَّوِيلِ وَالنَّكَالِ بَعْدَ الْإِعْذَارِ إلَيْهِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ زَوْجَةُ الْمُدَّعِي وَرَدَّ مَتَاعَهُ فَنِعِمَّا، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ مِنْهُ شَيْئًا وَمَضَى عَلَى إنْكَارِهِ حَلَفَ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا، وَلَا صَارَ إلَيْهِ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ طُولِ حَبْسِهِ، فَالْمُبَالَغَةُ فِي نَكَالِهِ لِلرِّيبَةِ الَّتِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الشَّهَادَاتِ مِمَّا اُتُّهِمَ بِهِ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ.

[مَسْأَلَةٌ رَجُلٍ هَدَمَ بَيْتَ رَجُلٍ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا صَاحِبُ الْبَيْتِ]

مَسْأَلَةٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي رَجُلٍ هَدَمَ بَيْتَ رَجُلٍ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا صَاحِبُ الْبَيْتِ، وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمْ سَمِعُوا صَاحِبَ الْبَيْتِ يَقُولُ لِلَّذِي هَدَمَ الْبَيْتَ: مَا دَعَاك إلَى هَدْمِ بَيْتِي الَّذِي يُقِرُّ بِهِ كَذَا وَكَذَا. وَأَخَذَ خَشَبَهُ وَعَتَبَهُ، فَقَالَ الْهَادِمُ: أَبُوك أَذِنَ لِي فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا، فَرَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ وَأَثْبَتَ قَوْلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَادَّعَى أَنَّ عِنْدَهُ مَدْفَعًا لِمَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ، فَضَرَبَ لَهُ الْحَاكِمُ آجَالًا وَاسِعَةً وَتَلَوَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ، فَعَجَزَهُ وَأَمَرَهُ بِرَمِّ مَا نَقَضَ مِنْ ذَلِكَ وَإِعَادَتِهِ إلَى مِثْلِ حَالِهِ، وَأَنْ يَصِفَ مَا نَقَضَهُ لِيُقَامَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، أَوْ يُؤْخَذُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ فَنَكَلَ عَنْ الصِّفَةِ، وَادَّعَى الْجَهْلَ بِهَا لَدَدًا وَتَوَرُّكًا عَنْ الْحَقِّ، وَزَعَمَ أَنَّهُ بَاعَهُ وَلَمْ يَحْضُرْ نَقْضَهُ. فَسَأَلَ الْحَاكِمُ الْفُقَهَاءَ هَلْ يَجْبُرُهُ وَيُشَدِّدُ عَلَيْهِ فِي ذِكْرِ الصِّفَةِ بِالْحَبْسِ وَالْجَلْدِ ثُمَّ يُحَلِّفُهُ عَلَيْهَا؟

فَأَجَابُوهُ: بِأَنَّ هَذَا الْمُعْتَدِيَ يُقَالُ لَهُ: لَا يَصِحُّ فِي مَعْقُولٍ سَامِعٍ مِنْك مَا حَكَيْت مِنْ التَّجَاهُلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّك لَمْ تَنْقُضْ إلَّا مَا أَحَطْت بِهِ عِلْمًا وَهَذَا مِنْك لَدَدٌ، وَلِلْمُلَدِّ حُكْمٌ قَالَ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ حِمْلِ السَّوْطِ عَلَيْهِ يَتَبَيَّنُ لَدَدُهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ انْزَجَرَ بِالْأَدَبِ عَنْ التَّجَاهُلِ غُرِّمَ قِيمَةَ مَا اسْتَهْلَكَ، وَإِنْ مَضَى فِي تَجَاهُلِهِ حَمَلَ التَّأْدِيبَ عَلَيْهِ فِي تَجَاهُلِهِ بِمَا شَهِدَ الذِّهْنُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَيُؤَدَّبُ أَيْضًا عَلَى تَعَدِّيه وَجُرْأَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>