للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي]

بَعْدَ فَصْلِ الْقَضَاءِ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ مَالًا وَدَعَا إلَى يَمِينِ الْمَطْلُوبِ فَحَلَفَ لَهُ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِهَا فِي حِينِ اسْتِحْلَافِهِ، ثُمَّ يَسْمَعُ الْحَاكِمُ مِنْ بَيِّنَتِهِ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَقُّ مِنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ.

تَنْبِيهٌ: وَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِبَيِّنَتِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ يَوْمَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً.

فَرْعٌ: أَمَّا إنْ اسْتَحْلَفَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِبَيِّنَتِهِ تَارِكًا لَهَا، إمَّا تَصْرِيحًا أَوْ مُعَرِّضًا عَنْهَا، وَهِيَ حَاضِرَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ فَلَا حَقَّ لَهُ.

فَرْعٌ: وَفِي الثَّمَانِيَةِ لِأَبِي زَيْدٍ، قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَمَنْ اسْتَحْلَفَ رَجُلًا فِي حَقِّهِ، وَهُوَ عَالِمٌ بِبَيِّنَتِهِ وَهِيَ حَاضِرَةٌ مَعَهُ فَحَلَفَ لَهُ، لَمْ يَضُرَّهُ اسْتِحْلَافُهُ إيَّاهُ، وَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَيُقْضَى بِهَا؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَلَا يَتَجَرَّأُ عَلَى الْيَمِينِ، وَأَنَّهُ يُقِرُّ لَهُ حِينَئِذٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: أَرَاهُ آثِمًا حِينَ أَلْجَأَهُ إلَى الْيَمِينِ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَاهُ، ثُمَّ وَجَدَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا فَلَا يَحْلِفُ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ بَرِئَ مِنْ الدَّعْوَى بِيَمِينِهِ، فَلَا يُكْتَفَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي إبْطَالِ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا يَثْبُتُ حَقُّهُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، وَقِيلَ يَحْلِفُ مَعَهُ.

فَرْعٌ: قَالَ سَحْنُونٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِبَيِّنَتِهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَهَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِبَيِّنَتِهِ وَجَحَدَ الْآخَرُ، وَرَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ لَهُ الْقِيَامَ، وَإِنْ عَلِمَ بِبَيِّنَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>