للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الرَّهْنِ بِمَبْلَغِ الْحَقِّ]

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قِيمَةَ الرَّهْنِ، يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ رَاهِنًا كَانَ أَوْ مُرْتَهِنًا، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الرَّهْنَ بَدَلًا مِنْ الْكِتَابِ وَالشُّهُودِ فَكَأَنَّهُ نَاطِقٌ بِقَدْرِ الْحَقِّ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ وَثِيقَةً، وَلَا جُعِلَ بَدَلًا مِنْ الْكِتَابِ وَالشَّاهِدِ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ أَنَّ النَّاسَ يَرْهَنُونَ مَا يُسَاوِي قَدْرَ دُيُونِهِمْ أَوْ يُقَارِبُهَا لَا مَا لَا يَفِي بِهَا، فَإِذَا فَاتَ الرَّهْنُ وَكَانَ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا لَهُ، تَنَزَّلَتْ قِيمَتُهُ فِي الشَّهَادَةِ مَنْزِلَةَ عَيْنِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ تَوَاصَفَا الرَّهْنَ ثُمَّ قَامَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ.

تَنْبِيهٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ دَابَّةً أَوْ عَبْدًا فَمَاتَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَاخْتَلَفَا فِيمَا رَهَنَا فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَلَيْسَ هُوَ إذَا مَاتَ بِمَنْزِلَةِ إذَا كَانَ حَيًّا، فَإِنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الرَّهْنُ إذَا كَانَ حَيًّا مُصَدَّقٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِيمَةِ الرَّهْنِ.

فَرْعٌ: وَاخْتُلِفَ إذَا ضَاعَ الرَّهْنُ وَلَمْ يَصِفْهُ الرَّاهِنُ وَلَا الْمُرْتَهِنُ وَعَمِيَتْ قِيمَتُهُ، فَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يَعْنِي الرَّاهِنَ؟ وَلَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ، وَأَنَّ الرَّهْنَ بِمَا فِيهِ قَالَ أَصْبَغُ وَذَلِكَ إذَا غُمِيَ أَمْرُهُ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ «الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ إذَا هَلَكَ وَغُمِيَتْ قِيمَتُهُ» وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَمِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ الرَّهْنَ يَذْهَبُ بِمَا فِيهِ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَهُ، وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَغُمِيَتْ قِيمَتُهُ وَلَمْ يَصِفْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا يَرْهَنُ فِي قَدْرِ قِيمَتِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، وَلِهَذَا جَعَلُوهُ كَالشَّاهِدِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ.

فَرْعٌ: وَإِنْ فَاتَ الرَّهْنُ وَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الرَّاهِنِ كَاَلَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِهَلَاكِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>