للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَيَجُوزُ صُلْحُ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ لِلْقَاتِلِ عَلَى خُرُوجِهِ مُرْتَحِلًا مِنْ بَلَدِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ عَادَ الطَّلَبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ ثَبَتَ وَجَبَ لِلْأَوْلِيَاءِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ.

فَرْعٌ: إذَا أَشْهَدَ فِي السِّرِّ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ لِأَجْلِ إنْكَارِهِ، وَأَنَّهُ مَتَى وَجَدَ بَيِّنَةً قَامَ بِهَا فَالصُّلْحُ غَيْرُ لَازِمٍ إذَا ثَبَتَ إنْكَارُهُ وَثَبَتَ الْحَقُّ، وَغَايَةُ مَا عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بَيِّنَتَهُ.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَنْفَعُهُ مَا أَشْهَدَ بِهِ فِي السِّرِّ، وَقَدْ ذَكَرْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَوْلَ ابْنِ مُزَيْنٍ فِيهَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الِاسْتِرْعَاءِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالْإِقْرَارِ]

فِي الْقَضَاءِ بِالْإِقْرَارِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ حَقِيقَتُهُ الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ، وَحُكْمُهُ اللُّزُومُ وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ الشَّهَادَةِ، قَالَ أَشْهَبُ: قَوْلُ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْجَبُ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَمَنْ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ صَغِيرٍ وَشَبَهِهِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ.

[لِلْإِقْرَارِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ]

وَلِلْإِقْرَارِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: الصِّيغَةُ، وَالْمُقِرُّ، وَالْمُقَرُّ لَهُ، وَالْمُقَرُّ بِهِ.

الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ: وَهِيَ لَفْظٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ يَدُلُّ عَلَى تَوَجُّهِ الْحَقِّ قِبَلَ الْمُقِرِّ، وَلَا خَفَاءَ بِصَرَائِحِ أَلْفَاظِهِ، وَيَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ الْإِشَارَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالسُّكُوتُ، فَالْإِشَارَةُ مِنْ الْأَبْكَمِ وَمِنْ الْمَرِيضِ، فَإِذَا قِيلَ لِلْمَرِيضِ لِفُلَانٍ: عِنْدَك كَذَا؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ فَهَذَا إقْرَارٌ، إذَا فُهِمَ عَنْهُ مُرَادُهُ وَالْكِتَابَةُ مِثْلُ أَنْ يَكْتُبَ بِيَدِهِ بِمَحْضَرِ قَوْمٍ، وَقَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ فَذَلِكَ لَازِمٌ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ عَلَيْهِمْ.

فَرْعٌ: لَوْ كَتَبَ رِسَالَةً لِرَجُلٍ غَائِبٍ أَنَّ لَك عَلَيَّ كَذَا لَزِمَهُ، فَإِنْ جَحَدَ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَتَبَهُ أَوْ أَمْلَاهُ لَزِمَهُ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا كُلُّ مَا فِيهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، خَلَا الْحُدُودِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ وَيُؤْخَذُ بِغُرْمِ السَّرِقَةِ وَلَا يُحَدُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>