مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُرَاعَى بِالْقَتْلِ بِالْحِرَابَةِ تَكَافُؤُ الدِّمَاءِ فَيُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ، وَالْحُرُّ بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِ قِصَاصٍ، وَإِنَّمَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا أَخَذَ الْمُحَارَبُونَ مَالًا فَقُدِّرَ عَلَى أَحَدِهِمْ قَبْلَ التَّوْبَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ جَمِيعِ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ حِصَّةً أَوْ لَمْ يَأْخُذْ، وَلَوْ تَابَ أَحَدُهُمْ وَقَدْ اقْتَسَمُوا الْمَالَ فَإِنَّ هَذَا التَّائِبُ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْمَالِ، لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ إنَّمَا قَوِيَ بِهِمْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا نَرَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا مَا أَخَذَ، قَالَ الْبَاجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا سَلَمُ أَشْهَبَ فِي الْمَالِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتْلِ، وَسَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُؤْخَذُ بِجَمِيعِ مَا جَنَى أَصْحَابُهُ.
[فَصْلٌ فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى دَارٍ فَكَسَرَ بَابَهَا وَضَرَبَ صَاحِبَ الدَّارِ وَانْتَهَبَ مَا فِيهَا]
فَصْلٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ: فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى دَارٍ فَكَسَرَ بَابَهَا وَضَرَبَ صَاحِبَ الدَّارِ وَانْتَهَبَ مَا فِيهَا، وَوَقَعَتْ فِي ذَلِكَ فَتْوَى رُفِعَتْ إلَى الْفُقَهَاءِ وَصُورَتُهَا، أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي شُهُودٌ أَنَّهُمْ قَالُوا لِرَجُلٍ: نَبِّئْنَا مَا سَمِعْنَا عَنْ وَلَدَيْك مِنْ مَسِيرِهِمْ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ إلَى دَارِ فُلَانٍ، فَكَسَرُوا الْبَابَ وَهَجَمُوا عَلَى الْعِيَالِ وَانْتَهَبُوا مَا فِي الدَّارِ، وَضَرَبُوا صَاحِبَ الدَّارِ حَتَّى أَشْفَى عَلَى الْمَوْتِ، فَقَالَ وَلَدُ الرَّجُلِ: نَعَمْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْفَعَلَةَ بِأَعْيَانِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ، مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْعِيَافَةِ.
فَأَجَابَ الْفُقَهَاءُ: أَنَّهُ يَجِبُ الْأَدَبُ الْبَلِيغُ وَالْحَبْسُ الطَّوِيلُ عَلَى الْفَعَلَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَدْفَعٌ، وَإِنْ ذَكَرُوا مَدْفَعًا حُبِسُوا وَكَشَفُوا عَنْ مَدْفَعِهِمْ وَهُمْ فِي الْحَبْسِ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا شَنِيعٌ يَكُونُ فِي مَجْمَعٍ وَحَاضِرَةٍ فَيَسْتَحِقُّونَ الْأَدَبَ الْبَلِيغَ. وَمَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَزِيَادَةٌ فِي الْأَدَبِ لِعَظِيمِ مَا انْتَهَكُوا، قَالَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُ وَلِيدٍ وَابْنُ لُبَابَةَ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ: سَكَتُوا فِي جَوَابِهِمْ عَنْ الْحُكْمِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمْ بِغُرْمِ مَا انْتَهَبُوا مِنْ الدَّارِ وَهُوَ مِمَّا يَجِبُ بَيَانُهُ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ: سَأَلْت مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْقَوْمِ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْزِلِ الرَّجُلِ فَيَعْدُونَ عَلَيْهِ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute