فَيَنْتَهِبُونَهُ وَيَذْهَبُونَ بِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ مَالٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ الشُّهُودَ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى مُعَايَنَةِ مَا يَذْهَبُونَ بِهِ إلَّا أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى غَارَتِهِمْ وَإِنْهَابِهِمْ، فَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ: أَرَى أَنْ يَحْلِفَ الْغَارُّ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ، وَأَنَّ مِثْلَهُ يَمْلِكُهُ مِمَّا لَا يُسْتَنْكَرُ وَيُصَدَّقُ فِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا أَرَى أَنْ يُعْطَى بِقَوْلِهِ وَيَمِينِهِ وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، فَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ أَصْبَغَ بْنَ الْفَرَجِ، فَأَخْبَرَنِي عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمِثْلِ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي مُنْتَهِبِ الصُّرَّةِ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي عِدَّةِ مَا كَانَ فِيهَا وَلَا يَعْرِفُهُ الشُّهُودُ، قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ مَعَ يَمِينِهِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ فِي ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ.
وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قُلْت لِمُطَرِّفٍ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُغِيرِينَ أَيَضْمَنُ مَا أَغَارُوا عَلَيْهِ؟ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ حَلَفَ الْمُغَارُ عَلَيْهِ فِيمَا يُشْبِهُ، قَالَ: نَعَمْ يَضْمَنُ ذَلِكَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَوِيَ بِبَعْضٍ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ مُطَرِّفٌ، وَكَذَلِكَ اللُّصُوصُ الْمُحَارَبُونَ الْقَاطِعُونَ الطُّرُقَ، مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا أَخَذُوا، وَلَوْ أَخَذُوا جَمِيعًا أَوْ أَخَذَ السَّارِقُ أَوْ الْمُغِيرُونَ جَمِيعًا وَهُمْ أَغْنِيَاءُ، أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَنُوبُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ فِي ضَمَانِ ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ مُطَرِّفٍ
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَدُّ هَؤُلَاءِ الْمُغِيرِينَ فِي الْعُقُوبَةِ كَحَدِّ الْمُحَارَبِينَ إذَا شَهَرُوا السِّلَاحَ عَلَيْهِ وَفَعَلُوهُ مُكَابَرَةً عَلَى وَجْهِ الْعِيَافَةِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فِي وَالِي بَلَدٍ بَعَثَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ فَيُغِيرُ عَلَيْهِمْ، وَيَنْتَهِبُ أَمْوَالَهُمْ ظُلْمًا مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُغِيرِينَ، هَكَذَا قَالَ لِي جَمِيعُهُمْ يَعْنِي: أَصْبَغَ وَمُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا أُقِيمَ عَلَى الْمُحَارَبِ حَدُّ الْحِرَابَةِ، فَقُتِلَ أَوْ قُطِعَ أَوْ نُفِيَ لَا يُتْبَعُ عَنْ الْأَمْوَالِ بِشَيْءٍ مِمَّا جَنَاهُ فِي حَالِ عُدْمِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا تَابَ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute