أَقَرَّ وَكَانَ مَأْذُونًا فَهُوَ كَالْحُرِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا وَقَفَ إقْرَارُهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَيَرُدُّهُ أَوْ يُلْزِمُهُ إيَّاهُ، فَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَ سَيِّدِهِ لَزِمَهُ الدَّيْنُ، وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِإِلْزَامِ الدَّيْنِ ذِمَّتَهُ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا عِنْدَ السَّيِّدِ فِيهِ مِنْ إلْزَامٍ أَوْ إسْقَاطٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ حَالُ الْعَبْدِ مِنْ إذْنٍ أَوْ حَجْرٍ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَهُوَ عَلَى الْحَجْرِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ خِلَافُهُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَصْبَغُ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي يُدَّعَى قِبَلَهُ أَوْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ فِي ذَلِكَ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ وَكِيلًا يُخَاصِمُ عَنْهُ، وَلَسْت أَقُولُهُ يَعْنِي أَصْبَغَ، وَلَكِنْ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ عَلَيْهِ وَكِيلًا مُفَوِّضًا إلَيْهِ جَمِيعَ أُمُورِهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْخُصُومَةُ مِنْ أُمُورِهِ الَّتِي يَنْظُرُ لَهُ فِيهَا وَفِيمَا شَابَهَهَا؛ لِأَنَّ حَقًّا عَلَى الْقُضَاةِ أَنْ لَا يُهْمِلُوا الْأَيْتَامَ، وَإِنَّمَا الَّذِي أَكْرَهُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَيْهِ وَكِيلًا لِهَذِهِ الْخُصُومَةِ ثُمَّ يَعْزِلُهُ عَنْهَا.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِثْلَ قَوْلِ أَصْبَغَ.
[الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ]
ِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرُّكْنِ الْخَامِسِ فِي الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ جُمْلَةً مِنْ مَسَائِلِهِ، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ غَائِبٌ عَنْ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَغَائِبٌ عَنْ الْبَلَدِ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ دُونَ حُضُورِهِ إلَّا أَنْ يَتَوَارَى أَوْ يَتَعَزَّزَ بِسُلْطَانٍ فَيُقْضَى عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِمَوْضِعِ الْحُكْمِ مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَلَّ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بَلْ عَلَى بَلَدٍ خَاصٍّ، وَفِي أَسْئِلَةِ الشَّيْخَيْنِ أَبِي عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ جَائِزٌ فِي الْقِسْمِ، إذَا كَانَ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ مَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: سَمِعْت مَنْ يَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الدُّورِ وَهُوَ رَأْيٌ، إلَّا فِي الْبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الْمُدَّعِيَ السَّيْرُ إلَيْهِ لِبُعْدِهِ وَانْقِطَاعِهِ.
تَنْبِيهٌ: وَلَا يُسَجِّلُ الْقَاضِي بِتَخْلِيدِ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ وَلَا يَضُرُّ إنْ سَافَرَ إلَى غَيْرِ عَمَلِهِ، أَمَّا إنْ اسْتَوْطَنَ غَيْرَ عَمَلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute