للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي الْقَاضِي يُعْزَلُ فَيَدَّعِي النَّاسُ أَنَّهُ جَارَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَلَا يَنْظُرُ فِيمَا قَالُوا عَنْهُ، إلَّا أَنْ يَرَى الَّذِي بَعْدَهُ جَوْرًا بَيِّنًا فَيَرُدَّهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاضِي (مِنْ تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ) .

[فَصْلٌ هَلْ يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِنَفْسِ الْفِسْقِ أَوْ حَتَّى يَعْزِلَهُ الْإِمَامُ]

فَصْلٌ: اُخْتُلِفَ هَلْ يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِنَفْسِ الْفِسْقِ أَوْ حَتَّى يَعْزِلَهُ الْإِمَامُ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَلَى قَوْلَيْنِ: وَأَشَارَ إلَى تَرْجِيحِ عَدَمِ الْعَزْلِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ الْفِسْقُ بَعْدَ وِلَايَتِهِ انْفَسَخَ عَقْدُهُ وَوِلَايَتُهُ.

[فَصْلٌ فِي عَزْلُ الْقَاضِي نَفْسَهُ اخْتِيَارًا]

فَصْلٌ: وَأَمَّا عَزْلُ الْقَاضِي نَفْسَهُ اخْتِيَارًا لَا عَجْزًا، وَلَا لِعُذْرٍ فَالظَّاهِرُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَهَذَا عِنْدِي يَنْبَنِي عَلَى النَّظَرِ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنْ الْإِمَامِ الَّذِي وَلَّاهُ وَوَكِيلٌ مِنْ قِبَلِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْوَكِيلِ، وَالْقَاضِي وَالْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ كَالْوَاهِبِينَ مَنَافِعَهُمْ، وَالْوَاهِبُ شَيْئًا مَعْلُومًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ تَلْزَمُهُ هِبَتُهُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ فِي عَزْلِ الْقَاضِي نَفْسَهُ اخْتِيَارًا إلَى النَّظَرِ، هَلْ تَعَلَّقَ لِأَحَدٍ حَقٌّ بِقَضَائِهِ حَتَّى يَكُونَ انْعِزَالُهُ ضَرَرًا لِمَنْ الْتَزَمَ الْقَضَاءَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ مُنِعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْوَصِيُّ مِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ إذَا مَاتَ الْمَيِّتُ وَقَدْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ، لِمَا يَلْحَقُ الْمُوصَى بِهِ مِنْ ضَرَرِ الْعَزْلِ وَتَبْقِيَتِهِ مُهْمَلًا (اُنْظُرْ الْمَازِرِيَّ) .

[فَصْلٌ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي فَحَكَمَ فِي أَشْيَاءَ قَبْلَ بُلُوغِ الْعَزْلِ]

ِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ أَحْكَامَهُ تِلْكَ نَافِذَةٌ لِضَرُورَةِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي الْمُتَوَلِّي مَعْلُومَ الْقَضَاءِ مِنْ يَوْمِ وِلَايَتِهِ إذَا وُلِّيَ عَلَى بَلَدٍ يَحْتَاجُ إلَى السَّفَرِ إلَيْهَا أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ وَيَكُونُ الْمَعْزُولُ مِنْ الْمَعْلُومِ إلَى يَوْمِ بُلُوغِ الْعَزْلِ، وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ.

[فَصْلٌ الْقَاضِي إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِالْجَوْرِ]

فَصْلٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: وَعَلَى الْقَاضِي إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِالْجَوْرِ أَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الْعُقُوبَةُ الْمُوجِعَةُ وَيُعْزَلُ وَيُشَهَّرُ وَيُفْضَحُ، وَلَا يَجُوزُ وِلَايَتُهُ أَبَدًا، وَلَا شَهَادَتُهُ، وَإِنْ صَلُحَتْ حَالُهُ وَأَحْدَثَ تَوْبَةً لِمَا اجْتَرَمَ فِي حُكْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَيَكْتُبُ أَمْرَهُ فِي كِتَابٍ لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الزَّمَانُ فَتُقْبَلَ شَهَادَتُهُ، وَالْقَاضِي أَقْبَحُ مِنْ شَاهِدِ الزُّورِ حَالًا، وَقَدْ ذَكَرْت عُقُوبَةَ شَاهِدِ الزُّورِ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ وَنَبَّهْت عَلَى عُقُوبَةِ الْقَاضِي أَيْضًا هُنَالِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>