للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ الْحَيَوَانَ وَالْعُرُوضَ]

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: مَا حَازَهُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَالدَّوَابِّ وَالْحَيَوَانِ كُلِّهِ، وَالْعُرُوضِ كُلِّهَا فَأَقَامَ ذَلِكَ فِي يَدَيْهِ يَخْتَدِمُ الرَّقِيقَ وَيَرْكَبُ الدَّوَابَّ وَيَحْلُبُ الْمَاشِيَةَ وَيَمْتَهِنُ الْعُرُوضَ، فَذَلِكَ كُلُّهُ لِحَائِزِهِ، وَالْحِيَازَةُ فِي ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ، قَطْعٌ لِحُجَّةِ مُدَّعِيهِ وَمُثْبِتِ أَصْلِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَهُ دُونَ مُدَّعِيهِ وَمُثْبِتِ أَصْلِهِ، قَالَا: وَالْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ أَقْصَرُ مُدَّةً وَأَقْوَى فِي الْحِيَازَةِ مِنْ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ، الَّتِي إنَّمَا تُحَازُ بِالْعِمَارَةِ وَالسُّكْنَى.

قَالَ أَصْبَغُ: وَيَرَى فِي الثِّيَابِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ حِيَازَةً إذَا كَانَتْ تُحَازُ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ وَاللُّبْسِ، وَيَرَى حِيَازَةَ الدَّابَّةِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ حِيَازَةً إذَا مَلَكَهَا وَرَكِبَهَا وَاغْتَلَّهَا وَأَعْمَلَهَا عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ بِعِلْمِ صَاحِبِهَا، وَنَرَى الْأَمَةَ شِبْهَ ذَلِكَ وَالْعَبْدَ وَالْعُرُوضَ فَوْقَ ذَلِكَ شَيْئًا، إذَا حَازَ ذَلِكَ بِالْمِلْكِ وَأَسْبَابِهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ فِي مِثْلِ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ فِيمَا بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ يَعْنِي لَا يَبْلُغُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَيْنَ الْأَجَانِبِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ، كَمَا يُصْنَعُ فِي الْأُصُولِ. قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: وَمَا أَحْدَثَ الْحَائِزُ فِيهِ بَيْعًا أَوْ عِتْقًا أَوْ تَدْبِيرًا أَوْ كِتَابَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ صَدَاقًا أَوْ وَطْئًا فِي الْإِمَاءِ، بِحَضْرَةِ مُدَّعِيهِ وَبِعِلْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ زَمَانُ ذَلِكَ قَبْلَ الْوَطْءِ، فَذَلِكَ يُوجِبُهُ لِحَائِزِهِ وَيَقْطَعُ حُجَّةَ مُدَّعِيهِ، قَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَدَثٍ أَوْ بِغَيْرِ حَدَثَاتِهِ، إذَا تَرَكَ التَّعْيِينَ وَالْإِنْكَارَ وَالتَّكَلُّمَ عِنْدَ عِلْمِهِ بِهَذَا الْإِحْدَاثِ، وَلَا يُلْتَفَتُ فِي هَذَا إلَى عَشْرِ سِنِينَ وَإِلَى مَا دُونَهَا.

تَنْبِيهٌ: وَذَكَرَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْبَيَانِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ حِيَازَةِ الْوَارِثِ عَلَى وَارِثِهِ، بَيْنَ الرِّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَالثَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ الْحَيَوَانَ وَالْعُرُوضَ، فَلَوْ حَازَ الْوَرَثَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ الْإِمَاءَ بِالْوَطْءِ وَالْهِبَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا يَقْطَعُ حَقَّ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ طُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>