الْمُوجِعَةُ بِضَرْبِ ظَهْرِهِ وَإِطَالَةِ سِجْنِهِ، وَالطَّبِيبُ وَالْحَجَّامُ وَالْبَيْطَارُ فِيمَا أَتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ بِسَبِيلِ مَا وَصَفْنَا فِي الْخَاتِنِ.
فَصْلٌ: فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ الصُّنَّاعُ مِمَّا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمْ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: وَمَا أَصَابَ الثِّيَابَ عِنْدَ الْقَصَّارِ أَوْ الصَّبَّاغِ أَوْ الْخَيَّاطِ مِنْ قَرْضِ الْفَأْرِ أَوْ لَحْسِ السُّوسِ، فَعُرِفَ ذَلِكَ وَبَيَّنَ لِلنَّاظِرِ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَإِنْ ادَّعَى صَاحِبُ الثِّيَابِ أَنَّ الصَّانِعَ أَضَاعَ الثَّوْبَ وَفَرَّطَ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ وَزَعَمَ الصُّنَّاعُ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّطُوا وَلَمْ يُضَيِّعُوا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ، وَعَلَى أَصْحَابِ الثِّيَابِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُمْ ضَيَّعُوا، لِأَنَّ قَرْضَ الْفَأْرِ وَلَحْسَ السُّوسِ أَمْرٌ غَالِبٌ وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا دَعْوَى التَّعَدِّي إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ، قَالَ فَضْلُ بْنُ الْقَاسِمِ: يَقُولُ الْقَوْلَ قَوْلَ أَصْحَابِ الثِّيَابِ، وَإِنْ أَشْكَلَ أَنَّهُ قَرْضُ فَأْرٍ فَالصَّانِعُ ضَامِنٌ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَرْضُ فَأْرٍ أَوْ لَحْسُ سُوسٍ، وَكُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَتَقَدَّمَ مَسْأَلَةُ الْحَطَبِ يَقْطَعُ ثَوْبَ الصَّبَّاغِ.
فَرْعٌ: وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ الْخَيَّاطَ بِثَوْبٍ مَلْفُوفٍ فِي مِنْدِيلٍ لِيَخِيطَهُ، فَادَّعَى ضَيَاعَ الثَّوْبِ وَالْمِنْدِيلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّوْبَ وَلَا يَضْمَنُ الْمِنْدِيلَ، لِأَنَّ الْمِنْدِيلَ إنَّمَا أَتَى بِهِ وِقَايَةً لِثَوْبِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَوْدَعِ عِنْدَهُ " وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ الثَّوْبَ إذَا كَانَ رَفِيعًا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ الْمِنْدِيلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ.
[فَصْلٌ فِي السَّمَاسِرَةِ وَالْوُكَلَاءِ وَالْمَأْمُورِينَ]
َ وَفِي التَّهْذِيبِ فِي آخَرِ كِتَابِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَا بَاعَ الطَّوَّافُونَ فِي الْمُزَايَدَةِ، وَمِثْلُ النَّخَّاسِينَ وَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلنَّاسِ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِمْ فِي عَيْبٍ وَلَا اسْتِحْقَاقٍ، وَالتِّبَاعَةُ عَلَى رَبِّهَا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا اتَّبَعَ، وَكَذَا الَّذِينَ يَبِيعُونَ فِي الْحَوَانِيتِ لِلنَّاسِ بِالْجُعْلِ، وَاَلَّذِي يَسْتَأْجِرُ عَلَى الصِّيَاحِ، وَاَلَّذِي يَبِيعُ فِي الْمِيرَاثِ مِمَّنْ يَزِيدُ، فَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ مَسْرُوقًا وَبِهِ عَيْبٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ.
وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ نَصُّهَا: قَالَ: وَاَلَّذِي يَبِيعُ فِي السُّوقِ الثِّيَابَ لِلنَّاسِ مِثْلَ الصَّاحَةِ، وَهَؤُلَاءِ النِّسَاءُ اللَّاتِي يَبِعْنَ عَلَى الدُّورِ مَا دُفِعَ إلَيْهِمْ مِنْ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْجَوْهَرِ، مِثْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute