للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ السِّتُّونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الْأَعْمَى]

وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لَازَمَهُ كَثِيرًا حَتَّى يَقْطَعَ بِأَنَّ مَا سَمِعَهُ صَوْتُ فُلَانٍ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَاسْتَثْنَيَا النَّسَبَ وَالْمَوْتَ، وَزَادَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ النِّكَاحَ، وَزَادَ الشَّافِعِيُّ التَّرْجَمَةَ عِنْدَ الْقَاضِي بِلِسَانٍ لَا يَعْلَمُهُ الْقَاضِي، وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا شَهَادَتَهُ فِيمَا أَدْرَكَهُ قَبْلَ الْعَمَى، وَالدَّلِيلُ لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَسْأَلُونَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمَسَائِلِ وَيَعْمَلُونَ عَلَى قَوْلِهِنَّ، وَلَا يَسْمَعُونَ مِنْهُنَّ غَيْرَ الْأَصْوَاتِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا نِدَاءَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» ، فَأَمَرَ بِالْإِمْسَاكِ عِنْدَ نِدَائِهِ وَلَا يُعْلَمُ إلَّا بِصَوْتِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَعْمَى أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ غَيْرَ كَلَامِهَا.

فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الرَّوَائِحِ وَالطُّعُومِ وَالْحَلَاوَةِ وَالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ، وَهَذَا يُظْهِرُ مَعْنًى فِي بَابِ الْأَيْمَانِ وَالتَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ، فَلَوْ حَلَفَ رَجُلٌ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَشْرَبَ حُلْوًا أَوْ حَامِضًا فَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَزِمَتْهُ الشَّهَادَةُ.

فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِعَانُهُ وَيَقُولُ: وَصَلَ إلَيَّ الْعِلْمُ بِزِنَاهَا، أَوْ يَقُولُ: سَمِعْت الْحِسَّ، قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الصَّغِيرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>