بِهِ وَيُشْهَرُ فِي الْمَجَالِسِ وَالْحِلَقِ وَحَيْثُ يَعْرِفُ النَّاسُ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرِيدُ مَجَالِسَ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَيَضْرِبُهُ ضَرْبًا عَنِيفًا وَيُسَجِّلُ عَلَيْهِ، وَيَجْعَلُ مِنْ ذَلِكَ نُسَخًا يُودِعُهَا عِنْدَ النَّاسِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ.
وَقَالَ: لَا أَرَى أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ أَبَدًا إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رِيَاءٌ وَلَا تَكَادُ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ.
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا تَابَ وَحُسِّنَتْ حَالُهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَمْ يَصْحَبْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَمَلٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي عُقُوبَتِهِ إذَا جَاءَ تَائِبًا وَيَظْهَرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: الْأَظْهَرُ أَنْ لَا يُعَاقَبَ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَيَغْرَمُ مَا أَتْلَفَ بِشَهَادَتِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ فَانْظُرْهُ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ إنْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ، وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَيُشْهَرُ وَيُفْضَحُ.
وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ: إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ شَهَادَةُ الزُّورِ مُبْرِزًا فِي الْعَدَالَةِ فَهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ ثُمَّ تَابَ وَحَسُنَ حَالُهُ فَهَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مِنْ وَثَائِقِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَارِيخِهِ: أَنَّ صَاحِبَ الشُّرْطَةِ إبْرَاهِيمَ بْنَ حُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، أَقَامَ شَاهِدَ زُورٍ عَلَى الْبَابِ الْغَرْبِيِّ الْأَوْسَطِ، فَضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَحَلَقَ لِحْيَتَهُ وَسَخَّمَ وَجْهَهُ، وَأَطَافَهُ إحْدَى عَشْرَةَ طَوْفَةً بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، يُصَاحُ عَلَيْهِ هَذَا جَزَاءُ شَاهِدِ الزُّورِ، وَكَانَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ هَذَا فَاضِلًا خَيْرًا فَقِيهًا عَالِمًا بِالتَّفْسِيرِ، وَلِيَ الشُّرْطَةَ لِلْأَمِينِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ أَدْرَكَ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ صَاحِبَ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْهُ مُوَطَّأَهُ يَوْمَئِذٍ أَنَّ أَفْعَالَهُ يُقْتَدَى بِهَا.
فَرْعٌ: فِي عُقُوبَةِ مَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ بِالسَّرِقَةِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا نَكَلَ الشَّاهِدُ، وَإِنْ قَالَ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ، إنْ كَانَ لَهَا مَنْ يَطْلُبُهَا لَمْ يُعَاقَبْ الشَّاهِدُ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَطْلُبُهَا عُوقِبَ إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute