للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ تَسْتَقْصِ قَبْلَ أَنْ تَحْكُمَ؟ فَلِذَلِكَ وَجَبَ فِي الْغَائِبِ مَا لَمْ يَجِبُ فِي الْحَاضِرِ.

فَرْعٌ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا إذَا قَالَ الْعَاقِدُ فِي شَرْطِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ أَنْ عَرَفَ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الْيَمِينِ وَسُقُوطِهَا، فَأَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى مِنْهُمْ سُقُوطَهَا، هَلْ يَنْفَعُ ذَلِكَ رَبُّ الدَّيْنِ وَيَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ؟ فَقِيلَ: يَنْفَعُهُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَتَخَيَّرَ عَلَى الْحَاكِمِ وَيَحْكُمَ لِنَفْسِهِ، بِقَوْلِ قَائِلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ.

قَالَ وَلَوْ زَادَ الْعَاقِدُ بَعْدَ قَوْلِهِ، فَآخُذُ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى مِنْهُمْ سُقُوطَهُمَا ثِقَةً بِرَبِّ الدَّيْنِ وَأَمَانَتِهِ، لَسَقَطَتْ الْيَمِينُ بِلَا خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَلَا يَجُوزُ فِي الْقَرْضِ اشْتِرَاطُ إسْقَاطِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ وَصَدَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَإِنْ طَاعَ لَهُ الْمُتَسَلِّفُ بَعْدَ عَقْدِ السَّلَفِ بِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْقَضَاءِ، لَزِمَهُ التَّصْدِيقُ حِينَئِذٍ وَصَحَّ السَّلَفُ.

تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ: وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ عَقْدِ السَّلَفِ هَدِيَّةُ الْمِدْيَانِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ فِي عَقْدِ صَفْقَةِ الْبَيْعِ، كَالرَّهْنِ الَّذِي يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، يُرِيدُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ، وَلَا يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَأَنْ يُبِيحَ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعَ بِالرَّهْنِ إذْ هُوَ مِنْ هَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّهُ مَكْرُوهٌ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ، فَكَذَلِكَ إسْقَاطُ الْيَمِينِ بَعْدَ عَقْدِ السَّلَفِ إذْ هُوَ هَدِيَّةُ الْمِدْيَانِ.

مَسْأَلَةٌ وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ: شَرْطُ التَّصْدِيقِ لَا يُوَرَّثُ، وَالْيَمِينُ تَلْزَمُ وَرَثَةَ مَنْ كَانَ الْمِدْيَانُ شَرَطَ لَهُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا الْتَزَمْتُ تَصْدِيقَ الْمُتَوَفَّى لِعِلْمِي بِدِينِهِ وَثِقَتِي بِصِدْقِهِ، فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ قَضَى وَرَثَتَهُ بَعْدَهُ لَزِمَتْهُمْ الْيَمِينُ.

مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ الْمُفْلِسُ صَدَّقَ غُرَمَاءَهُ فِي الِاقْتِضَاءِ، وَقَامُوا بِتَفْلِيسِهِ وَاقْتَسَمُوا مَالَهُ بِحُكْمِ السُّلْطَانِ، انْتَفَعُوا بِالتَّصْدِيقِ وَلَمْ يَحْلِفُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>