للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ: وَهَذَا أَيْضًا غَلَطٌ وَلَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْضِيَ لَهُمْ إلَّا بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ، إذْ قَدْ يَطْرَأُ مَنْ تَجِبُ لَهُ مُخَاصَمَتُهُمْ أَوْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ دُونَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا.

مَسْأَلَةٌ وَإِذَا شَرَطَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي الْمَغِيبِ عَنْهَا، وَأَنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهَا بِهَذَا التَّصْدِيقِ مُؤْنَةُ إثْبَاتِ الْمَغِيبِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تُثْبِتَ الزَّوْجِيَّةَ عِنْدَهُ وَالشَّرْطَ، ثُمَّ يَأْمُرَهَا بِالْحَلِفِ فِي بَيْتِهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَرْطِهَا، أَوْ فِي أَقْرَبِ الْجَوَامِعِ إلَيْهَا، إنْ لَمْ تَشْتَرِطْ الْيَمِينَ فِي بَيْتِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَخْرُجُ نَهَارًا أُخْرِجَتْ وَحَلَفَتْ، وَإِلَّا حَلَفَتْ لَيْلًا، ثُمَّ يُبِيحُ لَهَا تَطْلِيقَ نَفْسِهَا.

تَنْبِيهٌ وَالْيَمِينُ فِي ذَلِكَ: أَنْ تَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَنَّهُ قَدْ غَابَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ لَهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَقْدُمْ إلَيْهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا، وَلَا أَسْقَطَتْ عَنْهُ شَرْطَهَا، وَلَا كَانَ سُكُوتُهَا وَتَلَوُّمُهَا تَرْكًا مِنْهَا لِشَرْطِهَا، قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَتَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَيْتِهَا، إنْ كَانَ فِي شَرْطِهَا أَنَّهَا تَحْلِفُ فِي بَيْتِهَا، فِي الْمُنْقَضِي مِنْ أَجَلِهَا، وَانْتَقَدَ ذَلِكَ ابْنُ الْفَخَّارِ.

وَقَالَ: كَيْفَ تَحْلِفُ فِي بَيْتِهَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ؟ وَإِنَّمَا شَرَطَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ فِي بَيْتِهَا فِي الْمُنْقَضِي مِنْ أَجَلِهَا، ثُمَّ خَرَجَتْ إلَى الْجَامِعِ وَحَلَفَتْ فِي سَائِرِ ذَلِكَ.

فَرْعٌ إذَا شَرَطَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ أَنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي دَعْوَى إضْرَارِهِ بِهَا دُونَ يَمِينٍ تَلْزَمُهَا فَذَلِكَ لَهَا، فَإِذَا شَكَتْ إضْرَارَهُ بِهَا وَثَبَتَ الشَّرْطُ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا دُونَ يَمِينٍ.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ: إذَا طَاعَ بِتَصْدِيقِهَا فِي الضَّرَرِ لَزِمَهُ وَيُكْرَهُ عَقْدُهُ، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِيَمِينِهَا فِيهِ حَلَفَتْ حَيْثُ تَجِبُ، إلَّا أَنْ يَقُولَ فِيهِ دُونَ يَمِينٍ مَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَإِنْ تَلَذَّذَ مِنْهَا بِشَيْءٍ سَقَطَ شَرْطُهَا، وَإِنْ ادَّعَى التَّلَذُّذَ وَأَنْكَرَتْهُ، حَلَفَتْ وَلَهَا رَدُّ الْيَمِينِ.

تَنْبِيهٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَطَّارِ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ، إذَا كَانَ فِي وَثِيقَةِ الدَّيْنِ تَصْدِيقُ صَاحِبِهِ فِي اقْتِضَاءِ دَيْنِهِ دُونَ يَمِينٍ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مَأْمُونًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ التَّصْدِيقَ أَوْ شَرَطَهُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ مَأْمُونٍ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ يَمِينٍ وَحُكْمٍ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ مُحَمَّدُ عَبْدُ اللَّهِ: يَجُوزُ بَيْعُهُ دُونَ الْحَاكِمِ، إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْبَيْعِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَثِيقَةِ شَرَطَ التَّصْدِيقَ أَوْ لَمْ يَكُنْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>