وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً وَلَا بَعَثَ إلَيْهَا بِشَيْءٍ فَوَصَلَهَا، وَلَا أَحَالَهَا بِهَا فَاسْتَحَالَتْ، وَلَا أَحَالَتْ عَلَيْهِ أَحَدًا بِهَا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهَا فَاسْتَحَالَتْ وَلَا وَكَّلَتْ أَحَدًا عَلَى قَبْضِهَا مِنْهُ، وَلَا طَاعَ أَحَدٌ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا بِسَبَبِهِ، وَلَا رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ دُونَ نَفَقَةٍ، وَلَا لَهُ مَالٌ تَعَدَّى فِيهِ بِنَفَقَتِهَا، فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْفُصُولُ عِنْدَهُ نَظَرَ فِي الْغَيْبَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً أَعْذَرَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً أَوْ كَانَ غَيْرَ مَعْلُومِ الْمَكَانِ أَجَّلَهَا الْقَاضِي بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ.
وَذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ اسْتَظْهَرَ عَلَيْهَا بِالْيَمِينِ، وَوَجَّهَ لِحُضُورِ يَمِينِهَا عَدْلَيْنِ، فَتَحْلِفُ أَنَّهُ مَا رَجَعَ إلَيْهَا مِنْ غَيْبَتِهِ سِرًّا وَجَهْرًا إلَى حِينِ يَمِينِهَا هَذِهِ، وَلَا تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً قَلِيلَةً وَلَا كَثِيرَةً، وَتَذْكُرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفُصُولِ الْمَشْهُودِ بِهَا. ثُمَّ تَقُولُ: وَمَا عَلِمْت أَنَّ عِصْمَةَ النِّكَاحِ انْقَطَعَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى الْآنَ، فَإِذَا ثَبَتَتْ يَمِينُهَا عِنْدَهُ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ وَإِذَا قَامَتْ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ الطَّلَاقَ لِلْغَيْبَةِ لِمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْوَحْشَةِ وَعَدَمِ الْإِصَابَةِ وَكَانَ مَفْقُودًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُكَلِّفُهَا إثْبَاتَ الزَّوْجِيَّةِ وَاتِّصَالِهَا إلَى حِينِ الْقِيَامِ وَأَنَّ زَوْجَهَا غَابَ عَنْهَا وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ بَحَثَ عَنْهُ وَذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي مَحَلِّهِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَمْلُوكَةٍ قَامَتْ فِي مَغِيبِ سَيِّدِهَا بِعَدَمِ النَّفَقَةِ، وَذَكَرَتْ أَنَّ سَيِّدَهَا غَابَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا بِلَا شَيْءٍ تُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْ إلَيْهَا شَيْئًا، وَسَأَلَتْ الْحَاكِمَ النَّظَرَ فِي أَمْرِهَا، فَكَلَّفَهَا مَا يَجِبُ إثْبَاتُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهَا أَثْبَتَتْ عِنْدَهُ مِلْكَ سَيِّدِهَا إيَّاهَا وَمَغِيبَهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ عِنْدَهَا شَيْئًا لِنَفَقَتِهَا، وَلَا أَرْسَلَ شَيْئًا إلَيْهَا، وَأَنَّهَا لَا مَالَ لَهَا وَلَا مَالَ تَعَدَّى فِيهِ بِنَفَقَتِهَا، وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْقَطَّانِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَيَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِبَيْعِهَا وَيَقْبِضُ ثَمَنَهَا لِلْغَائِبِ وَيُوقِفُهُ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَ ثِقَةٍ غَيْرِهِ حَتَّى يَقْدُمَ الْغَائِبُ.
مَسْأَلَةٌ: فِيهَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمُفْتِينَ فِيمَا أَفْتَوْا بِهِ بَعْضَ الْقُضَاةِ مِمَّا كَانَ يَلْزَمُهُمْ بَيَانُهُ مِمَّا يَجِبُ إثْبَاتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ مَوْتَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ وَعِدَّةَ وَرَثَتِهَا وَهُمْ زَوْجُهَا الْقَائِمُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَأُخْتُهَا الْحَاضِرَةُ، وَأَخُوهَا الْغَائِبُ بِالْمَشْرِقِ، وَأَثْبَتَ لِلْمَيِّتَةِ شِرْكًا فِي دَارٍ مَعَ أَخِيهَا الْغَائِبِ، وَأَنَّهَا أَوْصَتْ بِثُلُثِهَا لِأُخْتِهَا وَأَعْذَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute