للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْجَوَاهِرِ: فَإِنْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ، لَكِنْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ، أَوْ قَالَ لِلْحَاكِمِ لَا أُحَاكِمُهُ إلَيْك، أَجْبَرَهُ عَلَى أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ. رَوَاهُ أَشْهَبُ.

وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَنَّهُ يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْأَدَبِ، قَالَ: وَبِهِ الْعَمَلُ.

وَقَالَ أَصْبَغُ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي إمَّا أَنْ تُحَاكِمَ وَإِمَّا أَحْلَفْت هَذَا الْمُدَّعِيَ وَحَكَمْت لَهُ عَلَيْك، هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى تُسْتَحَقُّ بِالْيَمِينِ مَعَ النُّكُولِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنْ الْكَلَامِ نُكُولٌ عَنْ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِيمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ دَعَا خَصْمَهُ بِهَا وَحَكَمَ عَلَيْهِ إنْ تَمَادَى عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَحْكُمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ مِنْ الْمُدَّعِي.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ: الْمُدَّعِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ ثَلَاثٍ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعَى بِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَادَ إلَى الْإِنْكَارِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ الْآنَ وَيَحْكُمَ لَهُ بِهِ مِلْكًا بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرْ حَكَمَ عَلَيْهِ كَمَا يَحْكُمُ عَلَى النَّاكِلِ وَلَا يَنْقُضُ لَهُ الْحُكْمَ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهَا، وَإِمَّا أَنْ يُسْجَنَ لَهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ يَعْرِفُ حَقِّي فَإِذَا سُجِنَ أَجَابَ وَاسْتَغْنَيْت عَنْ الْيَمِينِ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ قَالَ: لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ؛ لِأَنِّي لَا أَعْرِفُ حَقِيقَةَ مَا يَدَّعِي قِيلَ لَهُ احْلِفْ أَنَّك إنَّمَا تَتَوَقَّفُ عَنْ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ مِنْ أَجْلِ أَنَّك عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ مِنْ الْأَمْرِ، فَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لِلطَّالِبِ أَثْبِتْ حَقَّك، وَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ عَنْ الْيَمِينِ فَاخْتُلِفَ، فَقِيلَ: يُجْبَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ وَقِيلَ: إنَّهُ يَقْضِي لِلطَّالِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَقِيلَ يَقْضِي لَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ. وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ قَالَ الْمُشَاوِرُ: لَا يُوقَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْجَوَابِ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ الْمُدَّعِي مِنْ مَوْتِ مَنْ يَقُومُ عَنْهُ وَعِدَّةُ وَرَثَتِهِ وَتَنَاسُخِ الْوَارِثَاتِ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ لَهُ يَمِينٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ لَهُ فِي أَنْ يَقُولَ: إنَّ أَبَاك أَوْ جَدَّك أَوْ مَنْ تَقُومُ عَنْهُ حَيٌّ وَسَيَقُومُ وَيُقِرُّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدِي، أَوْ يَطْلُبُنِي إنْ كَانَ لَهُ عِنْدِي حَقٌّ فَيُلْزِمُنِي بِهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ قَامَ الْوَرَثَةُ بِدُيُونٍ لَهُ أَوْ وَدَائِعَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

قُلْت: فَإِنْ قَالُوا إنَّك أَنْتَ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ وَعِدَّةِ وَرَثَتِهِ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إلْزَامِ الْحُقُوقِ، وَتَوْرِيثِ زَوْجَتِهِ وَتَزْوِيجِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>