الْأَوَّلُ: أَنْ يُوقِفَ الْخَصْمُ خَصْمَهُ عَلَى مَا يَطْلُبُهُ فَيُجَاوِبَهُ بِجَوَابٍ مَحْضٍ كَامِلٍ، فَيَأْمُرَ الْحَاكِمُ بِعَقْدِهِ وَبِقِرَاءَتِهِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ، ثُمَّ يُشْهِدَ عَلَى تِلْكَ الْمَقَالَةِ الْعُدُولَ، فَإِذَا شَهِدُوا فِيهَا أَدَّوْا شَهَادَتَهُمْ بِهَا عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُقَرَّ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَطَلَبَ أَنْ يُعْذِرَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ لَمْ يُجِبْهُ الْحَاكِمُ إلَى ذَلِكَ لِمَعْرِفَتِهِ بِصِحَّةِ مَا شَهِدُوا بِهِ عِنْدَهُ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ بَطَّالٍ فِي أَحْكَامِهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُجَاوِبَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ بِجَوَابٍ كَامِلٍ مَحْضٍ فَتَنْعَقِدَ مَقَالَتُهُ وَيَكْتُبَ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ أَسْمَاءَهُمْ، ثُمًّ يَشْهَدُونَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ تَارِيخِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ، فَلِلْمُقِرِّ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ إذَا أَنْكَرَهَا أَنْ يُعْذِرَ إلَيْهِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْهَدَ شُهُودٌ أَنَّهُمْ سَمِعُوا فُلَانًا يُقِرُّ بِكَذَا وَكَذَا عِنْدَ الْحَاكِمِ دُونَ أَنْ يَعْقِدُوا مَقَالَتَهُ، فَلْيَأْمُرْ الْحَاكِمُ بِعَقْدِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ وَيَكْتُبُوا شَهَادَتَهُمْ عَلَى مَا سَمِعُوا وَيَشْهَدُوا بِهَا عِنْدَهُ، فَإِذَا ثَبَتَ أَعْذَرَ فِي ذَلِكَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ - انْتَهَى.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَرَأَيْت فِي غَيْرِ كِتَابِ ابْنِ الْعَطَّارِ أَنَّ شُهُودَ الْمَجْلِسِ إذَا كَتَبُوا شَهَادَتَهُمْ عَلَى مَقَالِ مُقِرٍّ أَوْ مُنْكِرٍ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَلَمْ يَشْهَدُوا بِهَا عِنْدَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ ثُمَّ أَدَّوْا الشَّهَادَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَهُ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يُعْذِرُ فِي شَهَادَتِهِمْ إلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِهِمْ إذَا أَدَّوْهَا فِي الْمَجْلِسِ نَفْسِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمَقَالُ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَفِظُوهَا وَإِنْ لَمْ يَكْتُبُوهَا ثُمَّ أَدَّوْهَا بَعْدَ ذَلِكَ إذَا طُلِبُوا بِهَا وَكَانُوا عُدُولًا، فَإِنَّهُ لَا يُعْذِرُ فِيهَا إلَى مَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِهَا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ: وَلَا يُعْذِرُ الْقَاضِي فِيمَنْ أَعْذَرَ بِهِ إلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَرِيضٍ لَا يَخْرُجَانِ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُعْذِرُ فِي الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ يُوَجِّهُهُمَا لِحُضُورِ حِيَازَةِ الشُّهُودِ لِمَا شَهِدُوا فِيهِ مِنْ دَارٍ أَوْ عَقَارٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَسَأَلْت ابْنَ عَتَّابٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا إعْذَارَ، وَأَمَّا الْمُوَجَّهَانِ لِلْحِيَازَةِ فَيُعْذِرُ فِيهِمَا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute